ترجماتسياسي

فاسدة وفاقدة للمصداقية: هل تستطيع السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها إدارة غزة؟

التليجراف: باتريك وينتور

لجأ الدبلوماسيون الغربيون إلى السلطة الفلسطينية التي كانت مهملة في السابق لملء الفراغ السياسي الذي من المحتمل أن ينشأ عن تدمير حكم حركة حماس في غزة، لكنهم يعرفون أنَّ أداة الإنقاذ التي اختاروها لا تحظى بشعبية، وتعتبر فاسدة، وفي حاجة ماسة إلى جيل جديد من القادة لم يتمكن أحد من التعرف عليه بعد.

كذلك رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع الغرب للسلطة الفلسطينية في قلب حكم غزة بعد الصراع، مما أثار الذعر في إدارة بايدن. ففي الواقع تعادي إسرائيل السلطة الفلسطينية إلى حد أنَّها منعت وزير خارجيتها من السفر هذا الشهر إلى البحرين للتحدث أمام مؤتمر حضره زعماء أمريكيون وعرب حول خُططها لمرحلة ما بعد الحرب.

قالت السلطة الفلسطينية -التي تأسست في التسعينيات كجزء من عملية السلام آنذاك لإدارة مناطق في الضفة الغربية وغزة تخضع للسيطرة الفلسطينية- إنَّها مستعدة للعب دور في غزة، حيث طردتها حماس في عام 2006، لكن فقط في حال كان ذلك جزءًا من خطة سلام واضحة وشاملة مع إسرائيل تشمل أيضًا الضفة الغربية. يشكك كثيرون في قدرتها على القيام بذلك، حتى لو تواجدت مثل هذه الخُطة. فبحسب ناصر القدوة، ابن شقيق ياسر عرفات، والمرشح المحتمل لزعامة السلطة الفلسطينية في المستقبل “أعتقد أنَّ السلطة الحاليَّة، بشكلها الحالي، والرجال الذين يقودونها، غير قادرة حتى على أن تطأ أقدامها قطاع غزة، ناهيك عن التعامل مع المهام الكبرى المطلوبة في هذا الوقت”.

ينصح مراقبون آخرون، مثل المفاوض الإسرائيلي السابق دانييل ليفي، السلطة الفلسطينية بعدم دخول غزة في حال ظل الأمن حكرًا على إسرائيل وَفق ما يصر عليه نتنياهو، ومضيفًا “لا أعتقد أنَّه سيكون من الحكمة لأي جهة فلسطينية أن تقول: سنفعل ذلك تحت أعين إسرائيل الساهرة”.

تعني هذه العقبات أنَّ صناع السياسة الغربيين يواجهون تحديًّا كبيرًا في تحويل السلطة الفلسطينية إلى هيئة حاكمة مقبولة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وكذلك لرئيس وزراء إسرائيلي قضى 15 عامًا في الحد من نفوذها. كما يتطلب الأمر فهمًا أوضح مما هو عليه الآن حول كيفية التعامل مع الأمن والسياسة في مرحلة ما بعد الحرب.

في الوقت الحاضر، يتحدث بعض الدبلوماسيين، مثل مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، عن سلطة فلسطينية سيجري إصلاحها أو تنشيطها لإدارة غزة والضفة الغربية. فيما يقول جوزيب بوريل مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي “من سيسيطر على غزة؟ أعتقد أنَّ جهة واحدة فقط يمكنها فعل ذلك، إنَّها السلطة الفلسطينية.” وبشكل أكثر غموضًا، يتحدث البعض عن الحاجة إلى دعم “الفلسطينيين المحبين للسلام”، وهي العبارة التي استخدمها مؤخرًا وزير الخارجية البريطاني السابق جيمس كليفرلي.

هذا يعني ضمنًا إخراج حماس من غزة، بما في ذلك منع أنصارها من الترشح في أي انتخابات مستقبلية. ومع ذلك، يقول وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إنَّ حماس فكرة رسخت نفسها بعمق في غزة منذ فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام 2006، ثُمَّ طردها حركة فتح -المكون الأساسي في السلطة الفلسطينية- بعنف من غزة.

الحقيقة هي أنَّه لا أحد يعرف المزاج السياسي الذي سينشأ من غزة في نهاية الصراع، لكن إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي، والعديد من القادة العرب يشعرون أنَّه من باب النبوءة التي ستحقق نفسها بنفسها، سيذهب “الفلسطينيون المحبون للسلام” إلى هناك من تحت أنقاض غزة.

ولتقييم ما إذا كانت السلطة الفلسطينية قادرة على الاضطلاع بهذه المهمة في غزة وقابلة للإصلاح، لا بُدَّ من تقديم بعض التوضيحات لوضعها الحالي المحفوف بالمخاطر. وهذا بدوره يجب أن يبدأ بالاعتراف بأنَّ أولئك الذين يدعون إلى “تنشيط” السلطة الفلسطينية هم على وجه التحديد الجهات الفاعلة نفسها التي قاومت مثل هذه الخُطوات سنوات عديدة.

هناك أسباب عديدة لضعف السلطة الفلسطينية، بعضها ذاتي، والبعض الآخر لا. فالفساد منتشر على نطاق واسع، على الرغم من أنَّ الدبلوماسيين الفلسطينيين يقولون إنَّه ليس وباءً متوطنًا. لكنها أصيبت بالشلل المالي بسبب إضراب المانحين بقيادة الولايات المتحدة، الذي كان يحظى بدعم الاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان. ففي عام 2013، شكلت المنح الخارجية التي بلغت حوالي 1.4 مليار دولار ثلث إجمالي نفقات السلطة الفلسطينية. وبحلول عام 2022، انخفض هذا المبلغ إلى أقل من 350 مليون دولار أو أقل بقليل من 3% من إجمالي إنفاق السلطة الفلسطينية، وَفقًا لتقرير صدر هذا العام عن مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط. وكان من المقرر أن تقوم إسرائيل في عام 2023 بحجب ضرائب مستحقة لصالح السلطة الفلسطينية على السلع المستوردة بقيمة 800 مليون دولار. وكانت العواقب واضحة في المدارس والمستشفيات الفقيرة.

لقد حاول توني بلير، خلال السنوات الثماني التي قضاها كمبعوث خاص للجنة الرباعية التي تضم القوى الدولية الساعية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين اعتبارًا من عام 2007، جاهدًا بناء سلطة فلسطينية فاعلة مبنية على اقتصاد متنام، وفشلت إلى حد كبير للأسباب المألوفة المتمثلة في أنَّ الحصار الذي فرضته إسرائيل أدى إلى خنق الاقتصاد الفلسطيني.

لقد أوقفت الولايات المتحدة، التي تؤيد السلطة الفلسطينية الآن، أي مدفوعات لها منذ عام 2017 احتجاجًا على دفع رواتب لعائلات السجناء والشهداء الفلسطينيين في الصراع، بما في ذلك المسلحين المنخرطين في هجمات ضد الإسرائيليين. ويطلق الكونجرس الأمريكي بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على هذا الأمر -كما تفعل إسرائيل- اسم “الدفع مقابل القتل”.

 لكن أكبر نقطة ضعف لدى السلطة الفلسطينية هي أنَّها اضطرت إلى العمل بناءً على افتراض خاطئ. فعندما تأسست في عام 1994، روج لها القادة الفلسطينيون كهيئة انتقالية في عملية دبلوماسية بعد اتفاقيات أوسلو من شأنها أن تؤدي إلى إقامة الدولة. ومع ذلك، فإنَّ انهيار أي دبلوماسية سلام جديرة بالاهتمام وتضاؤل احتمالات حل الدولتين قد حرم السلطة الفلسطينية من سبب وجودها.

مع توقف الدبلوماسية الثنائية منذ عام 2001 عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب حديثًا آنذاك أرييل شارون مقابلة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، وفي خضم الانتفاضة الثانية التي قادتها الجماعات الفلسطينية المسلحة، ركزت السلطة الفلسطينية على طرق أخرى لإثبات أهميتها وإظهار استراتيجية سلمية يمكن أن يؤدي إلى نتائج. وقبل كل شيء، سعت إلى الحصول على مكانة من خلال الأمم المتحدة. وهكذا بدأ محمود عباس، خلفًا لياسر عرفات، حملة للمطالبة بالاعتراف الكامل بدولة فلسطين في الأمم المتحدة. لكن الرفض الأمريكي حكم على محاولته بالفشل، ولم تحصل السلطة إلا على صفة مراقب في الأمم المتحدة، كما تمكنت من الحصول على عضوية اليونسكو، لكن حتى المحاولة المتواضعة للانضمام إلى هيئة السياحة التابعة للأمم المتحدة تم التخلي عنها بسبب الضغوط الأمريكية.

ضمن لعبتها الكبيرة، طلبت السلطة الفلسطينية في عام 2015 من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في الضفة الغربية. وبعد خمس سنوات من المداولات، وافقت المحكمة في عام 2021 باعتبارها تتمتع بالولاية القضائية. لكن هذا أدى إلى هجوم صاخب من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على السلطة الفلسطينية. ففي رسالة مؤرخة في أبريل 2021، موجهة لأصدقاء إسرائيل بحزب المحافظين دون الكشف عنها للبرلمان، قال رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون “نحن نعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب. نحن لا نقبل أن يكون للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص في هذه الحالة بالنظر إلى أنَّ إسرائيل ليست جزءًا من نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، وأنَّ فلسطين ليست دولة ذات سيادة. هذا التحقيق يعطي الانطباع بأنَّه هجوم جزئي ومضر على صديق وحليف للمملكة المتحدة”.

وبالمثل عارضت الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب أي تدقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية بحق إسرائيل. وقالت إدارة ترامب “الفلسطينيون ليسوا دولة ذات سيادة، وبالتالي غير مؤهلين للحصول على العضوية كدولة أو المشاركة كدولة أو تفويض السلطة القضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية”. وهاجم فريق ترامب استخدام السلطة الفلسطينية للمحكمة باعتباره “إجراءً قضائيًّا أحادي الجانب يؤدي إلى تفاقم التوترات ويقوض الجهود الرامية إلى دفع حل الدولتين عن طريق التفاوض”. ولم يغير جو بايدن الموقف الأمريكي. فعندما التقى الرئيس الأمريكي بايدن عباس في رام الله عام 2022، حثه على إسقاط تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، لكن عباس رفض، قائلًا إنَّه أحد الطرق القليلة غير العنيفة المتاحة لمعارضة الاستيطان الإسرائيلي.

في بعض النواحي، كانت معارضة المملكة المتحدة هي الأكثر إزعاجًا للسلطة الفلسطينية، نظرًا لأنَّ المملكة المتحدة، على عكس الولايات المتحدة، من مؤيدي المحكمة الجنائية الدولية. علاوة على ذلك، لم تقدم المملكة المتحدة أي ملاحظات إلى الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية عندما أحال المدعي العام القضية إليها. لقد جعل ذلك السفير الفلسطيني المحبط في المملكة المتحدة حسام زملط يشكو قائلًا “موقف بوريس جونسون يستبعد أي سبيل قانوني للسعي إلى المساءلة والتعويض عن الجرائم المرتكبة ضد شعبنا، ويترك الفلسطينيين ليتساءلوا عما تتوقعه الحكومة البريطانية منهم أن يفعلوا؟”.

وكان المسار القانوني السلمي الآخر الذي اتبعته السلطة الفلسطينية هو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وهي المحكمة العليا للتعامل مع النزاعات بين الدول. وفي ديسمبر 2022، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 87 صوتًا مقابل 26 صوتًا على طلب حكم استشاري بشأن وضع الاحتلال من المحكمة في لاهاي.

 ولكن ما إن حضر محامو السلطة الفلسطينية إلى لاهاي حتى حضر محامو الحكومتين الأمريكية والبريطانية، قائلين مرة أخرى إنَّ هذا هو الطريق القانوني غير المناسب الذي يمكن للفلسطينيين اتباعه. ومن المقرر أن تبدأ الإجراءات الشفهية في فبراير من العام المقبل، وتطلب الولايات المتحدة حاليًّا من السلطة الفلسطينية سحب الطلب إذا كانت تريد موافقة إسرائيل على السماح لها بالدخول إلى غزة. كذلك لم تتمكن السلطة الفلسطينية من إقناع مؤيديها بأنَّ الكثير من الفوائد جاءت من الضغط على السياسيين الغربيين بأنَّ توسيع المستوطنات الإسرائيلية من شأنه أن يعيق فرصة التوصل إلى حل الدولتين القابل للحياة.

يتذكر وزير شؤون الشرق الأوسط السابق في المملكة المتحدة، أليستر بيرت، عندما كان في منصبه، أنَّه واجه وفدًا فلسطينيًّا بقائمة من تعليقاته حول المستوطنات الإسرائيلية المختلفة. “لقد قرأوه وقالوا: سيد بيرت، في تاريخ كذا وكذا، قلت إنَّك قلق للغاية بشأن المستوطنات. وفي هذا التاريخ، قلت إنَّك قلق للغاية، وفي هذه المناسبة قلت إنَّك قلق للغاية، وهنا قلت إنَّك قلق للغاية. واستعرضوا قائمة من الظروف المختلفة، وأشاروا إلى أنَّه لم يتخذ أي إجراء من قبل المجتمع الدولي فيما يتعلق بالمستوطنات. وكانت تهمة عادلة”. يضيف بيرت “لم تكن الحكومة الإسرائيلية تساعد السلطة الفلسطينية بشكل جيد، فقد كانت سعيدة للغاية باستمرارها، لكنها لم تكن فعالة في دعمها بشكل خاص. وقد تعايشت قيادة السلطة الفلسطينية مع ذلك الوضع، لذا كان هناك شعور بالركود في المنطقة بأكملها إلى حد كبير”.

نتيجة لذلك، انتهى الأمر بأن أصبح الفلسطينيون ينظرون إلى السلطة الفلسطينية على نحو متزايد باعتبارها مقاولًا أمنيًّا من الباطن لإسرائيل، فباسم مكافحة الإرهاب غالبًا ما فرضت إجراءات تعسفية في الضفة الغربية. وقدرت منظمة “محامون من أجل العدالة”، وهي مجموعة توثق الحالات المتعلقة بتعسف العدالة، أنَّه في عام 2022 وحده، اعتقلت السلطة الفلسطينية أكثر من 500 فلسطيني لارتكابهم حوادث ضد إسرائيل، فيما قالت السلطة الفلسطينية إنَّ البديل هو اندلاع انتفاضة ثالثة وانهيار السلطة الفلسطينية.

لقد أثر كل هذا تأثيرًا كبيرًا في سمعة السلطة الفلسطينية. وتظهر استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أنَّه قبل أيام من هجوم حماس في 7 أكتوبر، اعتبر 80% من الفلسطينيين أنَّ السلطة الفلسطينية فاسدة، واعتبرها 62% عائقًا دون أن تمثل إضافة، ولا تتمتع أي من مؤسساتها الرئيسية بشرعية شعبية.

لم يؤد تزايد العنف في الضفة الغربية هذا العام إلا إلى إضعاف السلطة الفلسطينية بشكل أكبر، وهو ما يصب في مصلحة المسلحين في الضفة الغربية الذين يقدمون للشباب فرصة لمواجهة المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية. وقد شهدت الانتخابات الطلابية الأخيرة التي جرت في الجامعات فوز كتلة الوفاء الإسلامية التابعة لحماس على حركة فتح في سلسلة من عمليات الاقتراع التي شهدت منافسة كبيرة.

ومكمن القلق هنا، أنَّ الولايات المتحدة في سعيها إلى جعل السلطة الفلسطينية مركزًا للسياسة الفلسطينية في مرحلة ما بعد الحرب في الضفة الغربية وقطاع غزة، ربما تدعم الحصان الخطأ وتقلل من قدرة حماس على الصمود في غزة.

من المؤكد أنَّ تقديم عباس باعتباره رمز السياسة الفلسطينية الإصلاحية يبدو اقتراحًا سخيفًا، فعباس البالغ من العمر 88 عامًا يكمل عامه الثامن عشر من توليه منصبه، والمفترض أن يقتصر على أربع سنوات، إذ لم تُجرَ أي انتخابات منذ تأجيل الانتخابات في عام 2010.

إنَّ المناورات لخلافة عباس جارية منذ سنوات، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الانقسام بين أجنحة السلطة. فحسين الشيخ، بصفته أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هو المفضل لدى الولايات المتحدة، لأنَّه يُنظر إليه على الأقل على أنَّه شخص عملي. وهو يتحدث العبرية بطلاقة، ويعرف كبار ضباط الجيش والسياسيين الإسرائيليين جيدًا.

قد يكون مروان البرغوثي مرشحًا أكثر قبولًا، إلا أنَّه مسجون منذ عام 2002، ويقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل بعد أن قاد الانتفاضة الثانية. من المحتمل أنَّه كان سيهزم عباس في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية لعام 2021 الملغاة، ووَفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، كان سيهزم أيضًا زعيم حماس إسماعيل هنية بنسبة 60٪ مقابل 37٪، لكن عباس لم يعقد الانتخابات.

من بين المنافسين الآخرين لعباس محمد دحلان الزعيم السابق لفتح في غزة، الذي يتمتع بميزة كونه وُلِدَ في مخيم للاجئين في القطاع. ومع ذلك، يُنظر إليه على أنَّه رجل دولة الإمارات التي طَبَّعَت العلاقات مع إسرائيل، وهو الأمر الذي اعتبره عباس خيانة، وقد طرد عباس دحلان من حركة فتح عام 2011، ويرفض التصالح معه رغم الضغوط من مصر والأردن. فمن يتحدى سلطة عباس يدفع الثمن. وقد عُزل ناصر القدوة ابن شقيق عرفات، من اللجنة المركزية لفتح في مايو 2021 بعد أن قال إنَّه سيشكل قائمة مشتركة مع البرغوثي في مواجهة عباس.

وعلى نحو مماثل، انتهت المحاولة الوحيدة التي نشأت داخليًّا لإصلاح السلطة الفلسطينية -التي انطلقت في عام 2010 وحملت عنوان “الطريق الأخير إلى الحرية”- بكارثة بالنسبة لرئيس الوزراء آنذاك سلام فياض. وانتهت محاولته للقضاء على الفساد بالقضاء عليه في عام 2013. وهو يعيش الآن في برينستون بولاية نيوجيرسي.

إنَّ جوزيب بوريل مقتنع بوجود بقايا لفتح في غزة يمكن البناء عليها، وقال “هناك 60 ألف شخص في غزة يتلقون رواتب من السلطة الفلسطينية: 30 ألفًا كانوا موظفين في السلطة الفلسطينية قبل سيطرة حماس، و30 ألفًا آخرين من المتقاعدين”. إنَّ الدبلوماسيين الغربيين في غزة ليسوا جهلاء تمامًا بالمسار الذي ينتظرهم، لكن المهمة قد تبدو أقل صعوبة لو لم يكتفوا بالمشاهدة، أو ما هو أسوأ من ذلك، التغاضي عن الضمور البطيء للسلطة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى