رغم عدم الاعتراف رسميًّا بعد بإمارة أفغانستان الإسلامية منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، تعمل دوائر الأعمال في المنطقة والغرب على إعادة علاقاتها مع كابول.
شكَّل الاجتماع الذي عقد في الدوحة بين الأمم المتحدة وحكومة طالبان في أفغانستان يومي 29 و30 يونيو الماضي خطوة أخرى نحو عودة البلاد البطيئة إلى المسرح العالمي. ورغم أنَّ الإمارة الإسلامية لم تحظَ بعد بالاعتراف الدولي، فإنَّ الأعمال التجارية بدأت تنتعش في أفغانستان مرة أخرى مما أثار اهتمام العديد من البلدان. وفي الوقت نفسه، يستأنف رجال الأعمال الأفغان الذين يقيم العديد منهم في دبي، مثل عبد الرحمن الكوزي ومرويس عزيزي، أعمالهم تدريجيًّا في البلاد.
وفي مطلع يونيو، سافر وفد إندونيسي برئاسة يوسف كالا نائب الرئيس الإندونيسي الأسبق جوكو ويدودو إلى كابول للبحث عن فرص للاستثمار في مختلف القطاعات وخاصة التعدين. كما تواصلت وفود أعمال من ماليزيا وتركمانستان وأوزبكستان مؤخرًا مع حكومة طالبان، بينما حافظت بكين على علاقاتها مع كابول رغم العوائق التي حالت دون الاستثمار في أفغانستان.
ترقب غربي
فرضت الولايات المتحدة عقوبات مكثفة على أفغانستان شملت تجميد احتياطاتها من النقد الأجنبي المقدرة بتسعة مليارات دولار، لكنها اتخذت خطوات لاستعادة العلاقات الاقتصادية مع حكومة طالبان. ففي سبتمبر 2023، شارك وفد أعمال أمريكي برئاسة المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ورئيس غرفة التجارة الأفغانية الأمريكية، المستشار جيفري جريكو، في تنظيم مؤتمر في كابول مع نائب رئيس الوزراء الأفغاني الملا عبد الغني برادر. وضم الوفد عددًا من تجار المجوهرات المهتمين بالمعادن الثمينة في أفغانستان.
وفي فبراير الماضي، انتشرت شائعة حول احتمال إعادة فتح مكتب التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في البلاد، وهو ما نفاه فريق القائم بالأعمال في أفغانستان كارين ديكر، والذي يقيم حاليًّا في الدوحة. ولكن لكي تتحقق تعهدات الاستثمار، فإنَّ الوجود الدبلوماسي المحلي في البلاد ضروري أيضًا. فالصين وإيران وباكستان وروسيا والهند وتركيا وقطر والإمارات جميعها تحظى بتمثيل دبلوماسي في كابول.
وفي شهر مارس، توجهت القائمة بالأعمال الإيطالية في أفغانستان ناتاليا كوينتافال إلى كابول لمناقشة إمكانية إعادة فتح السفارة الإيطالية، كما زار العديد من المسؤولين البريطانيين البلاد في عام 2024 لمناقشة إعادة فتح المكتب المحلي للمملكة المتحدة. وفي أغسطس 2023، قالت سلطات طالبان إنَّ شركة “جي بي إم” البريطانية فازت بعقد لمشروع تعدين كبير، رغم أنَّ الشركة نفت ذلك في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”. ومع ذلك، تأجلت إعادة افتتاح بعض الممثليات الدبلوماسية في كابول، مثل بعثة الاتحاد الأوروبي، بسبب الإجراءات الإدارية الطويلة المتخذة لضمان الأمن اللازم للمباني والموظفين.
بوابة إيران والهند
نجحت الدول الواقعة على الحدود الشمالية لأفغانستان، مثل تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان، في تطوير العلاقات الضرورية مع حكومة طالبان كما فعلت الهند وإيران. فبالإضافة إلى إرسال فريق مساعدات إنسانية إلى كابول منذ يونيو 2022، يعمل مبعوث دلهي لباكستان وإيران وأفغانستان جي بي سينغ على دفع تطوير قناة التجارة الهندية الأفغانية الإيرانية عبر ميناء تشابهار في إيران. ومنذ فترة طويلة، عزز هذا الميناء الذي يتيح للهند الوصول إلى أسواق آسيا الوسطى العلاقات بين دلهي وطهران. وبعد إعلان كابول في فبراير أنَّها ستستثمر 35 مليون دولار في الميناء، وقّعت شركة الموانئ الهندية في 13 مايو عقدًا بقيمة 370 مليون دولار مع هيئة الموانئ الإيرانية لتطوير الميناء وتشغيله لمدة 10 سنوات، ما أثار امتعاض واشنطن.
وتأمل كابول أن يؤدي اتفاق تشابهار إلى الحد من اعتمادها على ميناء كراتشي الباكستاني، الذي يظل أحد نقاط الدخول الرئيسية للواردات الأفغانية. فعلى إثر هجمات شنتها خلايا تابعة لحركة طالبان الباكستانية، توترت العلاقات السياسية والأمنية بين باكستان وأفغانستان ما دفع السلطات الباكستانية إلى فرض حظر في ميناء كراتشي على الحاويات القادمة من الصين باتجاه أفغانستان.