
يقود قائد اللواء 444 محمود حمزة هجمات ضد فصائل العاصمة الليبية، ورغم تحقيقه انتصارًا أوليًّا فإنَّ هجومه أثار قتالًا بين الفصائل المؤيدة والمعارضة لرئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة.
أدى اغتيال قائد جهاز دعم الاستقرار في طرابلس الغرب اللواء عبد الغني الككلي، الملقب بـ “غنيوة”، في 12 مايو إلى تغيير موازين القوى في العاصمة الليبية. فرغم أنَّ مقتل الككلي وتفكيك قواته كان من شأنهما منح قائد اللواء 444، الذي يعد ضمن جيش حكومة طرابلس، العقيد محمود حمزة فرصة تولي القيادة الجديدة للقوات في المدينة، فإنَّ عمليته التي وقعت في ثكنة التكبالي بمنطقة صلاح الدين الخاضعة لسيطرته هزت قاعدة نفوذ رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة. وبعد ساعات قليلة من الاغتيال، هاجم مقاتلو حمزة بدعم من القوة المشتركة في مصراتة واللواء 111 بقيادة نائب وزير الدفاع عبد السلام الزوبي منطقة أبو سليم في طرابلس معقل جهاز دعم الاستقرار.
شبكةٌ مُتهالكة
انهارت شبكة الككلي باغتياله، حيث وضع الدبيبة في 13 مايو هيئة أمن المنشآت تحت سلطة وزير داخليته عماد الطرابلسي والتي أدارها حتى ذلك الحين أسامة عبد المجيد “طليش” المُقرّب من الككلي، قبل أن يهرب طليش. فبفضل قربه من “غنيوة”، عمل طليش في قطاع تحويل الأموال الذي كانت هيئة أمن المنشآت مسؤولة عن حمايته أثناء نقلها بين البنوك الرئيسية في طرابلس ومصرف ليبيا المركزي.
يهدف كلٌّ من اللواءين 444 و111 إلى استعادة السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها غنيوة، بالإضافة إلى مصرف ليبيا المركزي الذي كان اللواء 111 في السابق يحمي مبانيه. لكن هجوم اللواء 444 أدخل العاصمة في دوامة عنف جديدة بإعادته تنشيط الجماعات المسلحة المُناهضة للدبيبة، وخرجت مظاهرات مدنية مساء 14 مايو تُطالب باستقالة الدبيبة قبل أن تفرقها القوات المُؤيدة له.
حرب أهلية تلوح في الأفق
مع استمرار تدفق آليات التويوتا الصغيرة إلى غرب طرابلس، انخرطت فصائل من بلدة الزاوية التي تبعد حوالي 50 كيلومترًا عن العاصمة في الاشتباكات ضد القوات الموالية للدبيبة عقب الهجوم الثاني الذي شنه اللواء 444 في 13 مايو على قوة الردع.
يضمر قائد اللواء 444 محمود حمزة كراهية شخصية لقائد قوة الردع عبد الرؤوف كارة، الذي سبق أن اختطفه في أغسطس 2023 لبضعة أيام. وتمكنت الردع حتى الآن من الاحتفاظ بالسيطرة الاستراتيجية على مطار معيتيقة في طرابلس، كما تحظى بدعم جماعات مسلحة من الزنتان التي ساندت بعض قواتها بقيادة القائد العسكري السابق أسامة الجويلي.
تُنذر هذه الصراعات بانزلاق طرابلس إلى حرب أهلية جديدة رغم تصريحات رئيس الحكومة الدبيبة، فبالرغم من أنَّ عملية اللواء 444 لا تزال غامضة فإنَّ الدبيبة نسب الفضل في نجاحها لنفسه. وفي 13 مايو، هنأ القوات التي نفذت العملية ووصف الهجوم بأنَّه تنفيذ “حملة أمنية” أشرف عليها وزير الداخلية عماد الطرابلسي.
كان اللواءان 444 و111 جزءًا من خطة استبدال الجماعات المسلحة في طرابلس بقوات تابعة لوزير الداخلية الطرابلسي من خلال الانضمام إلى لجنته الأمنية، وكان تفكيك الميليشيات في طرابلس أيضًا جزءًا من خطة إعادة توحيد القوات الليبية المدعومة من واشنطن. وفي 3 مايو، زار عبد السلام الزوبي العاصمة لمناقشة الوضع الأمني، لكن تصاعد العنف خرج عن سيطرة اللواء 444 ورئيس الحكومة فيما يعاد رسم التحالفات بين مختلف الفصائل.
حليف مثير للمشكلات
مع ذلك، مكّنت إقالة الككلي الدبيبة من التخلص من حليف بات عبئًا عليه، فقد خاض لعدة أسابيع، صراعًا مفتوحًا مع رئيس الدبيبة حول السيطرة على شركة القابضة للاتصالات LPTIC المملوكة للدولة. لا توفر LPTIC مكاسب مالية كبيرة فحسب، بل تمنح أيضًا الشخص الذي يديرها ميزة واضحة من حيث تزويده بالمعلومات الاستخباراتية. لذا، ضغط الككلي على نجل رئيس الحكومة محمد الدبيبة الذي يُزعم أنَّه عمل من خلف الكواليس داخل الشركة للحصول على عقود لشركات وهمية تابعة لعائلته. وتنازع الرجلان أيضًا على رئاسة الشركة إلى أن عُين صلاح الناجح رئيسًا في 25 فبراير، بعد ضغوط من الككلي لإقالة الرئيس التنفيذي السابق محمد بن عياد. وأدى هذا الصراع إلى اندلاع أعمال عنف، حيث أُصيب يوسف أبو زويدة الذي عيّنه الدبيبة رئيسًا للشركة في 6 مايو برصاصة في ساقه على يد أحد عناصر غنيوة. وإلى جانب النزاع حول شركة القابضة، ازداد استياء الدبيبة من تصاعد نفوذ الككلي بعدما رسّخ الأول مكانته في عالم الأعمال وتمكّن من الوصول إلى العديد من المؤسسات الاستراتيجية في البلاد.
تاريخ النشر في 16/5/2025 أفريقيا انتليجنس