ترجمات

إفريقيا إنتليجنس: موسكو لها اليد العليا على واشنطن في ليبيا

تعزز روسيا وجودها العسكري إلى جانب خليفة حفتر في شرق وجنوب ليبيا منذ بضعة أسابيع، بينما تفتح قنوات للحوار مع السلطات في طرابلس. وهكذا صعدت ليبيا في التسلسل الهرمي للأولويات الأمريكية الإفريقية في ظل محاولتها مواجهة نفوذ موسكو المتزايد.

تعمل موسكو على زيادة مشاركتها بشكل كبير في ليبيا، تمامًا كما تحاول واشنطن تعزيز وجودها هناك لمواجهة نفوذ منافستها. وعززت روسيا الحليف الرئيسي للرجل القوي في الشرق خليفة حفتر، الذي يرأس الجيش الوطني الليبي، قواتها على الأرض في ليبيا منذ أبريل الماضي، بينما كانت عدة سفن حربية روسية تبحر في حوض البحر الأبيض المتوسط. وتشمل هذه السفن سفينتي الإنزال، إيفان غرين وألكسندر أوتراكوفسكي، اللتين رستا في 8 أبريل 2024 في الميناء العميق في طبرق، بعد إبحارهما من طرطوس في سوريا، التي يتمتع رئيسها بشار الأسد بدعم من نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وفي طبرق، أفرغت السفن معدات عسكرية، بما في ذلك الشاحنات التي تنتجها شركة كاماز الروسية. وإلى الجنوب، شوهدت بعض هذه المركبات وهي تنقل قذائف الهاون إلى القواعد التي يسيطر عليها الفيلق الإفريقي، وهو الاسم الجديد الذي أطلق على قوات فاغنر الموجودة في ليبيا منذ عام 2019، التي أصبحت الآن تحت سيطرة نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف. ويمكن نقل بعض المعدات إلى خارج ليبيا؛ لتكون بمثابة مركز لمسارح عمليات الفيلق الإفريقي الأخرى في منطقة الساحل.

القنصلية في بنغازي

وفي الأسابيع الأخيرة، تلقى الفيلق الإفريقي تعزيزات، يتمركز بعضها حاليًّا في قاعدة الجفرة الجوية التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي. وتقع هذه القاعدة الاستراتيجية في وسط ليبيا على مفترق طرق الهلال النفطي وعمق الجنوب.

وفي حين تتمركز بعض وحدات الفيلق الإفريقي في بلدة المرج، حيث يوجد مقر حفتر، والتي تقع إلى الشمال الشرقي من بنغازي، إلا أنَّها أكثر عددًا في الجنوب. وتسيطر القوات الروسية على قاعدة القرضابية الجوية جنوب مدينة سرت الساحلية، كما تتمركز قوات في “ودان” شمال فزان.

سافر يفكوروف إلى المرج في 17 سبتمبر 2023 للتفاوض على وجود روسي أقوى. وبعد أيام قليلة، استقبل بوتين خليفة حفتر في الكرملين، بحضور وزير دفاعه المعزول، سيرغي شويغو، لمناقشة اتفاقيات التعاون في مختلف القطاعات، بما في ذلك الدفاع. وتستعد موسكو حاليًّا لفتح قنصلية لها في بنغازي. وستكون إحدى وظائفها تسهيل وصول الشركات الروسية. وفي ليبيا، نجت الشركات الروسية من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

لعبة روسيا المزدوجة

بالإضافة إلى وجودها العسكري الواضح الآن في شرق وجنوب ليبيا، تعمل موسكو على تكثيف الحوار مع السلطات في طرابلس والذي انبثق عن عملية منتدى الحوار السياسي الليبي المدعوم من الأمم المتحدة في عام 2021.

تمت دعوة وفد من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس إلى العاصمة الروسية في 13 مايو لإجراء محادثات مع وزير الخارجية سيرجي لافروف. وضم الوفد نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، والقائم بأعمال وزير الخارجية الطاهر البعور، ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة في حكومة الغرب محمد الحداد.

تماشى هذا الاجتماع مع الاستراتيجية الدبلوماسية التي وضعها بوتين بخصوص ليبيا في منتصف عام 2023، التي تتمثل في تعزيز العلاقة طويلة الأمد مع حفتر مع فتح قناة مع حكومة الوحدة الوطنية. إنَّ حالة اللعب بين السلطات في طرابلس وبنغازي تعني أنَّ موسكو يمكنها الاستمرار في الاحتفاظ بقواتها في البلاد. ولا يزال بوتين يهدف إلى التفاوض على إنشاء قاعدة بحرية على الساحل الليبي.

الرباعية الغربية

وفي ظل النشاط الروسي المتزايد، تسعى واشنطن إلى تحسين استراتيجيتها بشأن ليبيا، وجعل “الأمن ومكافحة الإرهاب” هدفيها الرئيسيين. ومنذ شهر مارس، تمكن الأفراد العسكريون الأمريكيون العاملون في شركات خاصة من الحصول بهدوء على موطئ قدم في العاصمة الليبية. ويواصل موظفو شركة أمنتوم الأمنية الوصول بشكل متكرر إلى مطار معيتيقة، الذي تسيطر عليه ميليشيا الردع والجيش التركي. ويشرف المدربون الأمريكيون على تدريب القوات المسلحة المتحالفة مع حكومة الوحدة الوطنية كجزء من برنامج مكتب الأمن الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية، وقد سمح هذا لواشنطن بوضع بيادقها في الغرب.

وفي الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا تشكيل قوة مشتركة مكونة من وحدات من الميليشيات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية أو من وحدات مستقلة. ويأتي هذا المشروع بعد المناقشات التي أجرتها اللجنة العسكرية “5 زائد5” برئاسة الحداد ورئيس أركان الجيش الوطني الليبي عبد الرزاق الناظوري. وتركزت هذه المحادثات على تفاصيل كيفية تشكيل هذه القوة العسكرية، بمشاركة المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي. إنَّ تحديد القوى التي سيتم تضمينها سوف يستلزم مفاوضات دقيقة، نظرًا لأنَّها ليست كلها متوافقة مع بعضها البعض. وتأمل واشنطن وباريس وروما ولندن أن تتمكن من الإشراف على القوة المشتركة وتجهيزها بدعم من محمد المنفي. وهذه خُطة وضعتها اللجنة الرباعية الغربية للامتثال لنظام عقوبات الأمم المتحدة، وبالتالي تجنب انتهاك حظر الأسلحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى