أفريقيا انتليجنس: حميدتي يستميل العديد من قادة وكوادر نظام البشير
تلتف العديد من الشخصيات الرئيسية في نظام عمر البشير المخلوع الآن حول قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، رغم ادعاء الأخير أنَّه يحارب الجيش السوداني لتخليص البلاد من أنصار الرئيس السابق.
منذ أن بدأت الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023، حشد “حميدتي” الدعم من خلال الادعاء بأنَّه يهاجم ركائز حزب المؤتمر الوطني، الذي قاده لعقود من الزمن الرئيس السوداني السابق عمر البشير. لكن ورغم أنَّ العديد من قادة نظام البشير يقاتلون في صفوف الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، فإنَّ الأخير التحق به أيضًا العديد من هؤلاء.
أنشأت أجهزة استخبارات البشير قوات الدعم السريع في عام 2013 كثقل موازن للجيش السوداني، خوفًا من حدوث انقلاب عسكري، لتضم بشكل أساسي العديد من قوات الجنجويد التي اكتسبت سمعة سيئة في حروب دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبعد أربع سنوات، تكرس الاستقلال المالي لقوات الدعم السريع عبر قانون جديد. لكن محاولة “فرق تسد” جاءت بنتائج عكسية في عام 2019 عندما انضم الدعم السريع إلى الجيش للإطاحة بالبشير، ولم تظهر هشاشة هذا التحالف إلا قبيل اندلاع الحرب الحالية.
أسباب اجتماعية
يُلاحظ أنَّ العديد من كبار مساعدي حميدتي للشؤون الاستراتيجية الدولية هم من فلول نظام البشير. إنَّ مستشار حميدتي السياسي يوسف عزت المهري هو المنشق الوحيد في حاشيته عن الحزب الشيوعي السوداني، ولعب شقيقه محمد عزت دورًا مهمًا في عهد البشير في إقطاعية حميدتي بشمال دارفور. وقبل الإطاحة بالبشير، فرَّ يوسف إلى كندا وأصبح شقيقه مستشارًا لحميدتي.
غالبًا ما كان الانتماء القبلي حاسمًا في تحديد من ينضم إلى معسكر قوات الدعم السريع، قبل بدء الصراع وبعده. ينتمي الأخوان عزت إلى قبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها حميدتي، وينحدر آخرون من القبائل العربية القريبة من حميدتي مثل عبدالمنعم الربيع، المقيم في المملكة المتحدة والعضو السابق في حزب المؤتمر وزعيم شباب الحركة الإسلامية السودانية التي حددت النمط الأيديولوجي لحكم البشير. وبالمثل، تولى الفاتح القرشي منصب المتحدث الرسمي باسم قوات الدعم السريع، وهو زعيم شبابي إسلامي سابق في عهد البشير وكان نشطًا للغاية في غرب كردفان. والأمر نفسه ينطبق على حسبو عبد الرحمن، الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد البشير ووكيل الأمين العام لحزب المؤتمر الإسلامي، قبل أن يغير موقفه في بداية الصراع. وإذا سقطت عاصمة دارفور، الفاشر، في أيدي قوات الدعم السريع فقد يعينه حميدتي حاكمًا عليها.
المجندون من صفوف النظام القديم
منذ بداية الحرب، جندت قوات الدعم السريع أعدادًا كبيرة من قوات الأمن السودانية ومن الجماعات شبه العسكرية الأخرى، مثل كتائب الظل وقوات الدفاع الشعبي. أُنشئت قوات الدفاع الشعبي في عام 1989؛ لتلقين الشباب أيديولوجية حسن الترابي المرشد الروحي للبشير.
شارك أحمد حسبو، نجل حسبو عبد الرحمن مع قوات الدفاع الشعبي في تفريق الاحتجاجات المناهضة للبشير في عام 2019، ويدير الآن العلاقات العامة لقوات الدعم السريع. كما بدل الصحفي والعضو السابق في حزب المؤتمر إبراهيم بقال ولاءه منذ أغسطس 2023، وارتدى منذ ذلك الحين زي قوات الدعم السريع.
ولزيادة عديد قواته، استقدم حميدتي أيضًا كبار ضباط الجيش السوداني وأعاد بعض الجنرالات المتقاعدين إلى الخدمة، مثل حامد مراهيد ومهدي الأمين كبة. ينتمي الرجلان إلى قبيلة الحوزامة، وهي مثل قبيلة الرزيقات فرع من فروع البقارة، ويتوليان الآن مسؤولية السيطرة على مدينتي أم روابة والرهد في شمال كردفان.
الديناميات الإقليمية
التحق العديد من قادة نظام البشير بمعسكر حميدتي لأسباب شخصية وليست قبلية، ولتهميش الموقعين على اتفاق جوبا للسلام الذين طغوا عليهم في معاقلهم الإقليمية. وُقع اتفاق السلام الشامل في أكتوبر 2020 من قبل حوالي عشر حركات متمردة، معظمها من دارفور وكردفان والنيل الأزرق، والحكومة الانتقالية آنذاك، وخُصصت مناصب حكومية لقادة هذه الجماعات. ولاقت هذه الفكرة استحسان بعض قادة نظام البشير في الولايات، مثل المسؤول الكبير السابق في حزب المؤتمر في غرب كردفان الباشا محمد طبيق، الذي انضم إلى قوات الدعم السريع في بداية الصراع.
وينطبق الشيء نفسه على عبيد سليمان أبو شوتال، الزعيم السابق لحزب المؤتمر الوطني في ولاية النيل الأزرق، الذي غير موقفه عندما اختار قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان مالك عقار في بداية الحرب، ليكون يده اليمنى في السلطة.
وفي عام 2021، تورط أبو شوتال في أعمال عنف في ولاية النيل الأزرق، والتقى به حميدتي حيث يقال إنَّه جَنَّده خلال جهود المصالحة اللاحقة في أواخر عام 2022. وشوهد أبو شوتال آخر مرة كقائد ميداني في أم درمان، قبل أن يستعيد الجيش السوداني السيطرة عليها في مارس الماضي. وتشير وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لقوات الدعم السريع الآن إلى أنَّه يقود التعزيزات في دارفور، ما يعني احتمال سحب الدعم السريع قواته من أم درمان للسيطرة على الفاشر.
وأدى هذا المنطق نفسه إلى تجنيد هارون مديخير، المساعد السابق لموسى هلال المنافس الرئيسي لحميدتي في دارفور في ظل نظام البشير. سُجن مديخير عام 2017 ثُمَّ أطلق سراحه بعد سقوط البشير، ويقود الآن كتيبة على جبهة الخرطوم. ورغم استمالة حميدتي العديد من وجوه نظام البشير، فقد انعكس ذلك سلبًا على وحدة صفوف قواته، مما أضعف سيطرته عليها.
تاريخ النشر في 28/6/2024 أفريقيا انتليجنس