القضية السورية وجدوى إحيائها
كثيرًا ما تحظى الثورات بقضية ملهمة لكنها رغم ذلك لا تحقق النصر، أحد أهم أسباب الإخفاق هو أنَّ الثوار يعجزون عن استثمار القضية وتعزيزها ووضعها في إطار رؤية سياسية فعالة، ويسمحون للنظام بعزلهم سياسيًّا واجتماعيًّا من خلال التبريرات السياسية التي يقدمها.
“إنَّ أكبر عدو للحركات الثورية هو العزلة العسكرية والسياسية. وعلى التنظيم الثوري منع هذه العزلة، وافتعال عمليات الإلهاء أو التحريض في الأوقات المناسبة، وإقامة الاتصالات، وبذل الجهد في العالم أجمع لإثارة شعور بأنَّ الثورة تأخذ مجراها، حتى ولو لم تكن تحرز أي تقدم يذكر.” [8] (روبرت تابر)
انطلاقًا مما ذكره روبرت تابر في هذا الاقتباس، نفهم أنَّ جوهر الثورة المسلحة وهدفها النهائي سياسي بامتياز. وقد اتفق منظرو الحروب الثورية أنَّ الرؤية السياسية بالنسبة للثوار ضرورية للحصول على الدعم الشعبي، فمن خلالها يقدم الثوار مشروعًا بديلًا عن النظام القائم، بحيث يشمل هذا المشروع المطالبَ الشعبية الداخلية ويخاطب المجتمع الدولي.
ومن دون هذه القضية تصبح الحرب الثورية اعتباطية وعقيمة، وستستمر إلى ما لا نهاية، لأنَّ هدف الثوار وقتها سيكون هو الحرب لمجرد الحرب، وستصبح الثورة مجرد عملية هدم وثأر وتشفّي في دائرة مفرغة لا بناء فيها. هذه الرؤية هي التي تقنع الجموع الشعبية بجدوى التغيير، وفقْدها يعني خسارة نسبة كبيرة من الدعم الشعبي، اللهم إلا بعض المكونات الشعبية التي ستشارك في الثورة فقط لمجرد الغضب والثأر. ويعني أيضًا فَقْدَ الحلفاء الدوليين، اللهم إلا من أراد استعمال الثوار فقط لإلهاء خصومه الدوليين وإرباكهم.
.
.
.