دراساتسياسي

الاحتجاجات في إدلب

سيرورة الصراع وسيناريوهات النهاية

يقول المثل: الضربة التي لا تقتلك تقوِّيك.

يمكن لكل طرف في إدلب الآن أن يقرأ هذ المثل بمنظور مختلف، فقادة الحراك ورموز الاحتجاجات يعتبرون ما يتلقونه من اعتقالات وتضييق وملاحقات أمنية ليس إلا وقودًا مسعرًا للجماهير، فهو عندهم ضربةٌ تقوي الاحتجاجات وتزيد من اتساعها.

أما السلطة فإنَّها قد تقرأ انحسار المظاهرات في عدة مدن وانشقاق بعض الرموز كمؤشر لنجاح سياسة العصا والجزرة التي انتهجتها منذ أشهر، فهي إذًا عندها ضربةٌ قاتلة ولو بعد حين.

فمن سيفوز بالجولة الأخيرة، وهل وقعت الضربة القاضية أم ليس بعد؟

الأزمة من السلطة إلى المجتمع  

بعيدًا عن التخيلات والتبريرات التي لا تستند إلى الواقع، فإنَّ معظم الأطراف داخل شمال غرب سوريا تتفق على أنَّ السبب المباشر للأزمة الحالية هي “قضية العملاء” التي أشغلت النخب أواخر سنة 2023 ومطلع 2024، وطالت ما يقرب من 150 عضوًا في هيئة تحرير الشام معظمهم من القيادات المتوسطة وبعضهم من الرتب العليا.[1]

بعد مخاض عسير، تبين أنَّ التهم التي وُجهت للمعتقلين كانت نتيجة خطأ في التحقيق والإجراءات الأمنية، ولعل ذلك يعود بالأساس إلى غوص عناصر الأمن في “نظرية المؤامرة” أكثر من اللازم، وهي مقاربة نفسية كثيرًا ما تقع فيها أجهزة الأمن نتيجة المبالغة فيما يسميه أصحاب الحرفة “الحس الأمني”.

تجعل هذه المقاربة عناصر الأمن يقودون المتهمين -دون أن يشعروا- إلى اعترافات محددة تتناسب مع تصوراتهم المسبقة عن المؤامرة، وتجعلهم يُخضِعون المعتقلين لمزيج من التعذيب والمكافأة والتوجيه تقود المعتقل إلى فهم الزاوية التي يدفع باتجاهها التحقيق، ويسارع إلى الاعتراف بما يريده عناصر الأمن دفعًا للعذاب، أو تقليدًا -لا شعوريًّا- لصنيعِ أكثر السجناء الذين سبقوه.

كانت نتائج التحقيق في بداية الأمر منطقية، لكن كرة الثلج تعاظمت مع الوقت، وطالت الاتهامات ألف اسم (أو أكثر) من رموز السلطة ونخب المحرر، ومع فقدان الأدلة المادية المحسوسة (مثل أدوات التجسس أو رسائل مع المشغلين) بدأت قيادة هيئة تحرير الشام يساورها الشك في صدق البيانات المقدمة من جهاز الأمن، ونزل قائد الهيئة بنفسه مع بعض اللجان المختارة بعناية إلى السجون في جولات مكثفة كشفت حقيقة الخطأ القاتل الذين كاد أن يُدخل المحرر في حرب أهلية[2].

سريعًا، أعلن الجولاني إغلاق القضية، وبدأ يطلق سراح المعتقلين على دفعات ويعتذر منهم شخصيًّا، واعترف بحقيقة الخطأ الحاصل في العلن أمام وسائل الإعلام وفي مؤتمرات حاشدة تجمع النخب من مختلف الاختصاصات، وقرر تشكيل لجنة قضائية مخولة بالنظر في القضية، وردّ الحقوق الشخصية لجميع المتضررين.[3]

حراك ما قبل الحراك

 يظن البعض أنَّ “تجمع الحراك الشعبي” هو أول من بدأ الاحتجاج ضد قيادة هيئة تحرير الشام، وهذا خطأ تاريخي، إذ إنَّ الاحتجاج الحقيقي الذي أضعف السلطة وكاد أن يفككها بدأ أول أمره داخل كيان السلطة نفسها، وهو احتجاج القيادة المتوسطة في هيئة تحرير الشام ضد القيادة العليا.[4]

فعندما رأى هؤلاء فداحة الخطأ الذي وقعت فيه القيادة العليا في التعامل مع “قضية العملاء”، وعندما سمعوا ما حل برفاقهم المعتقلين من تعذيب شديد لا تقبله الفطرة السليمة ومعاملة مَشينة لا تتحملها النفس الأبية، حصلت مراجعاتٌ شاملة بدأت بالتشكيك في نزاهة جهاز الأمن، وطالبت بضرورة محاسبة الجناة وإصلاح السلطة، بل وصل الأمر إلى اقتراح عزل أهم رمزين في هيئة تحرير الشام: الجولاني وأبي أحمد حدود مسؤول جهاز الأمن.

في مرحلة ما؛ فُقدت الثقة في قدرة الرتب العليا على القيادة، وحدثت حالة استقطاب بين القوى العسكرية والقوى الأمنية، وحمَّلت بعض الرموز الجولاني مسؤولية ما حدث، وطالبته باستحداث نظام فعلي للمشورة وجهاز رقابة حقيقي يمنع تكرر هذه الأخطاء، وكثر اللوم والعتاب الداخلي في هذه الفترة، وأصبح نقد القيادة حديث كل مجلس.

وكان على رأس هذه الموجة الجناحُ العسكري (المتضرر الأكبر من الاعتقالات) الذي دخل في دوامة من الغضب والاحتقان كادت أن تقود به إلى التفكك، وفي هذه الأثناء بينما الصراع والحرب الباردة داخل كيان السلطة على أشده، وأزمة الثقة بين القيادة المتوسطة والعليا في أوجها، ظهر تهديد وجودي جعل المتضررين داخل الهيئة يتناسون ألمهم ويؤجلون مطالبهم إلى حين.

انتقال العدوى إلى الشارع

بالنظر إلى الطريقة التي أفرزت شكل السلطة الحالي في إدلب؛ كان من الطبيعي توقع أزمة سياسية قريبة، إذ لم تصل هيئة تحرير الشام للحكم إلا بعد تدافع مرير بين الفصائل العسكرية والقوى الثورية، وفي كل جولة انتصر الجولاني بينما كثر خصومه، ووجد العديد من الرموز والقادة السابقين أنفسهم في “رفِّ” المعارضة الهامشية بعد أن خسروا في حرب النفوذ مع الهيئة.

قبل “أزمة العملاء” أصبح الواقع مشحونًا جدًّا وإن كان ظاهره الاستقرار، فخصوم الجولاني تربصوا لحظة ضعف، فبداية من بقايا حركة أحرار الشام وجيش الأحرار التي خسرت الحرب الداخلية مع الهيئة سنة 2018، مرورًا بأطلال فصائل الجيش الحر التي استؤصلت في حملات مكافحة الفساد، وتنظيم حراس الدين الذي جرى تفكيكه سنة 2020، وانتهاءً بحزب التحرير الذي ما زال يقبع كثير من رموزهم في السجون منذ سنوات دون محاكمة، إضافة إلى الدعاة والنخب الذين لم يجدوا في السلطة مكانة ترضيهم. هذا غير الخصوم الأيديولوجيين من الأجانب والسوريين الذين اختلفوا مع الهيئة في قضايا دينية مثل الموقف من التدخل التركي وتطبيق الشريعة وما إلى ذلك.

إذًا، لقد كان هناك طيف واسع من الساخطين والغاضبين الذين عاشوا في حالة كُمون؛ ينتظرون ويتربصون لحظة ضعفٍ في الهيئة،[5] وهؤلاء -عندما رأوا بذور الصراع الداخلي إثر أزمة العملاء- اصطفوا جنبًا إلى جنب مع المتضررين من ممارسات جهاز الأمن، وشكلوا جميعًا -رغم اختلاف دوافعهم- نواة الحراك.

سيرورة الصِّراع من الشِّرة إلى الفَترة

لم يكن من السهل في البداية معرفة أهداف الحراك لأنَّه افتقد للتنظيم والهيكلية الواضحة، أما الآن بعد أن استقرت رؤيته وبرز الناطقون باسمه وظهرت منصاته الإعلامية الرسمية فيمكننا حصر أهدافه الحقيقية في: إسقاط (أبي محمد الجولاني)، والتداول السلمي السلطة، وحل جهاز الأمن وإطلاق المعتقلين.[6]

ولتحقيق هذه الأهداف انتهج الحراك عدة وسائل، لعل أهمها المظاهرات التي بدأت محدودةً في شباط/فبراير 2024 ثم اتسع نطاقها الجغرافي وازداد عدد المنخرطين فيها وتطور تنظيمها خلال الأشهر الأربعة التالية، لكنها شهدت تراجعًا ملحوظًا منذ حزيران 2024 بعد الإجراءات المضادة التي انتهجتها السلطة. وإضافة إلى ذلك، استخدم الحراك وسيلة متقدمة في الاحتجاج، وهي الاعتصام الذي حدث يوم 12 أيار/مايو 2024 أمام المحكمة العسكرية في إدلب، وقد استمر لمدة يومين ثم فرقته وزارة الداخلية بالقوة.

حاول الحراك بعد حملة الاعتقالات تصعيد الإجراءات الاحتجاجية ضد السلطة، فطالب أنصاره بالتظاهر أمام أهم المعابر التجارية شمال غرب سوريا (معبر باب الهوى) والاعتصام في الطريق التجاري الرئيسي سرمدا – باب الهوى، ودعا لإضرابٍ عام وعصيانٍ مدني شامل وغلقٍ للمحال التجارية في كافة المناطق المحررة.[7]

والحقيقة أنَّ هذا التصعيد في التكتيك أظهر هشاشة نفوذ الحراك في الأوساط الشعبية، وضعف تأثيره في السكان، إذ لم تستجب له الجماهير ولم يحصل عصيان يذكر، ولا إضراب كلي أو جزئي، ولا اعتصام كبير أو صغير، وهبَّت دعوته أدراج الرياح، وتبين للسلطة حقيقة السند الشعبي الذي يحظى به الحراك، فضاعفت الإجراءات الأمنية وصعَّدت من حملة الاعتقالات والملاحقة.

أساليب السلطة في مواجهة الأزمة

من البديهي أنَّ أول خطوة سلكها الجولاني هي تحقيق الوحدة الداخلية، إذ ليس بإمكانه مواجهة أزمة مثل هذه والصراع الداخلي يفتُّ عضد قاعدته الصلبة، وفي هذا السياق اختار مجموعة من القضاة الثقاة ورفيعي المستوى وشكل منهم لجنة قضائية مختصة للنظر في “أزمة العملاء”، فتضاءلت ظاهرة التلاوم بين العسكر وعناصر الأمن، وذهب معظم التوتر الداخلي، إضافة إلى هذا كثفت القيادة جولاتها وزياراتها وجلساتها الفردية مع أمراء الجند وقادة الجبهات، خاصة المتضررين من الاعتقالات لإعادة رد الاعتبار لهم، بل وصل الأمر لترقية بعضهم إلى رتب تنظيمية رفيعة.

من جهة أخرى، نظم الجولاني مؤتمرات عامة مع النشطاء ووفر لهم مناخًا مريحًا من حرية النقد واستقبال النصيحة والتعبير عن الرأي. أي أنَّ حضور الجولاني واتصاله الكثيف بالوجهاء والقادة واستماعه المباشر للنقد (الذي كان جارحًا في كثير من الأحيان) خفف من حدة الاحتقان الداخلي وحقق نوعًا من الرضا، خاصة وأنَّ مثل هذا الاتصال لم يكن يحدث من قبل بهذه الكثافة.

لكن لعل أهم خطوة على الإطلاق كانت سببًا في جمع الكلمة هي الاجتماع الموسع الذي عقده الجولاني يوم 12/3/2024 وضم ما يقرب من 800 شخصية من مختلف نخب المحرر، تحدث فيه عن الأخطار التي تحيط بالمحرر، والتضحيات التي قُدمت لتحقيق الاستقرار بعد انتهاء حالة الاحتراب الفصائلية القديمة، والضرر الذي سيحدث في حال انفلات الأمن، ثم إعلانه لوثيقة الإصلاحات السبع المشهورة، وأخيرًا تنازله عن القيادة وطلبه من الحضور أن يختاروا قائدًا آخر إذا أرادوا ذلك.[8] ولأنَّ معظم الحضور رفضوا تراجع الجولاني عن القيادة، فقد خرجت قيادة المحرر من هذا الاجتماع بنفوذ أكبر وقبول أوسع، مكنها بعد ذلك من مواجهة الحراك بخطوات أثقل.

واجه الجولاني الحراك بمجموعة من الوسائل الصلبة واللينة، وطبق هذه الإجراءات بصورة متكاملة ودقيقة، فبدأ أولًا بالوسائل اللينة لوقف توسع الحراك وتخفيف حدته وتحييد الناس عنه، ومن ذلك:

  1. الوعد بالإصلاحات السياسية؛ مثل إعادة هيكلة مجلس الشورى ليكون ممثلًا حقيقيًّا لإرادة السكان، وتأسيس أجهزة حقوقية مثل جهاز الرقابة وديوان المظالم وما إلى ذلك.[9]
  2. عقد مؤتمرات موسعة للاستماع للنشطاء المدنيين من مختلف الاختصاصات.
  3. إصدار عفو عام، وإطلاق سراح معتقلي الرأي من حزب التحرير وغيره.[10]
  4. إشراك شخصيات مهمة في السلطة، وخاصة ممن ساندت الحراك أول الأمر، كما في تعيين الدكتور إبراهيم شاشو مفتشًا قضائيًّا وعضوًا في ديوان المظالم.[11]
  5. رعاية المبادرات الشعبية التي لا تنتمي للسلطة وتطالب الحراك بتعديل أهدافه من الإسقاط إلى الإصلاح، مثل مبادرة الإصلاح والتغيير.
  6. إظهار الوحدة بين مختلف القوى العسكري الفاعلة من خلال تسجيل بيانات إعلامية للألوية والفصائل العسكرية تدعم فيها القيادة وتجدد الطاعة لها.
  7. عقد اتفاقات جانبية مع الكتل العسكرية التي دعمت الحراك مثل فصيل جيش الأحرار في بلدة تفتناز بقيادة أبي صالح طحَّان، وفصيل تجمع دمشق في الفوعة بقيادة أبي عدنان الزبداني.
  8. بعث وفود الوجهاء والأعيان إلى ممثلي الحراك في محاولة لإقناعهم بتغيير أهدافهم وترك الاحتجاج ودخول مسار الإصلاح الذي أعلنته السلطة، مثل وفد وجهاء إدلب الذي زار مركز الاعتصام أمام المحكمة العسكرية.
  9. تخفيف الحكومة للرسوم والضرائب، وتأجيلها القوانين التي يمكن أن تسبب غضبًا شعبيًّا، وزيادة الأجور والرواتب لشريحة من الموظفين. [12]
  10. حل جهاز الأمن العام ودمج قوته التنفيذية بوزارة الداخلية، وإدراج المحكمة الأمنية تحت وزارة العدل.[13]

وبعد أشهر من المسايرة والخطوات اللينة حُيِّدت العديد من الشرائح الشعبية ودخلت مسار الإصلاح التي دعمته السلطة، أما من بقي ضمن الحراك فقد دخل في مرحلة جديدة من التعامل، إذ بدأت السلطة تتخذ إجراءات تصعيدية مستغلة أخطاء الحراك وحوادث انفلات الأمن التي تسارعت في الساحة. فعلى سبيل المثال اتخذت السلطة قرار فض الاعتصام بالقوة، عندما حصلت ملاسنة ومشاجرة بين وجهاء إدلب والمعتصمين أمام المحكمة العسكرية، وعندما أوغل المعتصمون في سب وفد الأعيان والتنقيص منه استغلت قوات الأمن هذا الموقف واستخدمت الهراوات لطرد المحتجين.

ثم في اليوم التالي، استُنفر الجناحَ العسكري لهيئة تحرير الشام والفصائل العسكرية الأخرى مثل صقور الشام وأحرار الشام، ونصبت تلك القوى العسكرية المدججة بالسلاح الحواجزَ في مداخل المدن ومخارجها، ومنعت المتظاهرين من التجمع في مدينة إدلب، وقد كان حضور مختلف الفصائل في هذا الاستنفار عاملًا معنويًّا لصالح السلطة.

وجرى استثمار الجرائم التي هزت الرأي العام في المحرر لإصدار قرارات وزارية تجرِّم الحراك مع تصعيد حملات الاعتقال في حق نشطائه، مثل جريمة مقتل القيادي أبي ماريا القحطاني قرب مدينة سرمدا يوم 4/4/2024، واغتيال عنصر الأمن مصطفى سيو في مدينة جسر الشغور يوم 27/5/2024، وأخيرًا إحراق سيارات الأمن والتعدي على المخافر في مدينة بنش يوم 5/7/2024.

وفي المحصلة؛ استخدمت السلطة وما زالت في كل أحوالها مقاربة العصا والجزرة، ومزجت بين الأساليب الخشنة واللينة، فبعد كل حادثةٍ تحرك الرأي العام ضد المحتجين؛ ثم تستخدم إجراءات أمنية للضغط عليهم، ثم تُفتح قنوات الحوار عبر الوسطاء والمبادرات الحيادية، ليصبَّ هذا الضغط أخيرًا في دفع الحراك إلى دخول مسار الإصلاح. وقد حققت هذه السياسة نجاحًا كبيرًا حتى الآن، لكنها تواجه مجموعة من العقبات؛ أهمها أخطاء عناصر الأمن وإفراطهم -في بعض الأحيان- في استخدام القوة.

لماذا لم تلق دعوة الحراك استجابة شعبية؟

يمكننا من خلال تتبع الأحداث وتأمل وتحليل استجابة مختلف الأطراف لتداعيات الصراع أن نحيل فشل الحراك في تحقيق أهدافه كاملةً إلى عدة عوامل:

أولًا: إنَّ المطالب الطموحة التي رفعها الحراك انقلبت وبالًا عليه، فإصراره على إسقاط قيادة المحرر وتغييرها كان فيه افتئات وتجاوزٌ لبقية مراكز الثقل والتأثير، وأهمها القوى العسكرية. وبعبارة أخرى؛ يمكن القول إنَّ الحراك قد وقع في “الفردية” التي هاجمها وعابها على الجولاني من حيث لا يشعر، ولو أنَّه لم يسرع إلى رفع مطالب حادة، ولم يشترط إسقاط الجولاني، وتوقف عند الدعوة إلى وضع آليات متفق عليها لاختيار القيادة بغض النظر عن مخرجاتها للقيَ آذانًا مصغية بين النخب والرموز ومراكز الثقل، بل من داخل الهيئة نفسها.

إنَّ الشرط المسبق الذي وضعه الحراك استفز العديد من أمراء الجند وقادة الفصائل العسكرية ومسؤولي المؤسسات المدنية ونشطاء المحرر، فالمشاركون في الحراك لا يمثلون غير نسبة ضئيلة من مراكز الثقل في المجتمع، أما الشريحة الأكبر فقد وجدت نفسها مهملةً ومفتات عليها، خاصة أمراء الجبهات وأصحاب الشوكة، فقد نظر هؤلاء إلى الحراك على أنَّه جهة متسلِّقة على الثورة لم تكن مؤثرةً أيام المحن والمعارك والمواقف المصيرية، وها هي الآن تريد إزاحة القائد الذي شاركهم في كل ملاحم الثورة ويعود الفضل له في تدبير أكثر معاركها وأحداثها.

والأسوأ من هذا أنَّ الحراك في بعض تصريحاته قلل من شأن القوى العسكرية بطريقة غير مباشرة وادعى أنَّ المكتسبات التي تحققت هي بجهود الكوادر المدنية لا العسكرية،[14] وكان هذا استفزازًا واضحًا لأصحاب النفوذ الأكبر في المحرر، خاصة وأنَّ الحقيقة التاريخية تقول: إنَّ مكتسبات الإدارة المدنية والمؤسسات الخدمية شمال غرب سوريا لم تكن لتظهر إلى الوجود لولا جيش الفتح الذي وضع نواتها ومكَّن النخب المدنية من الانخراط فيها.

ولو أنَّ الحراك احترم القوى الأكثر نفوذًا في المحرر ولم يهاجمها بتصريحات مستفزة كالتي سبق ذكرها؛ للقي من بينها أنصارًا كثُر خاصة بعد أزمة العملاء التي زعزعت الثقة بالقيادة، ولو أنَّ الحراك رفع راية “وضع نظامٍ لاختيار القيادة” لا “إسقاط القيادة” لتلاقت مطالبه مع مطالب كثير من النخب العسكرية.

ثانيًا: تكمن العلة الأخرى في الحراك أنَّه لعب على وتر مطلبين لا يتصلان بالواقع والمنطق، المطلب الأول هو: حل جهاز الأمن، أما الثاني: فهو رفع الضرائب وتحقيق نهضة اقتصادية.

أما الأول فلم يلق قبولًا لعدة أسباب، أهمها أنَّ جهاز الأمن في ذهن السكان ليس بالسوء الذي يروِّج له الحراك، ورغم العديد من الأخطاء التي وقع فيها، فإنَّ الفضل يعود له في تأمين المحرر من جرائم السرقة والاختطاف والسلب والاغتيال التي كانت رائجة جدًّا، بل وصل الأمر ليصبح نموذج الحكم شمال غرب سوريا -في نظر المراقبين- أفضل النماذج من حيث الأمن والاستقرار من بين مناطق الأطراف الفاعلة الأخرى (نظام الأسد والميليشيات الكردية والجيش الوطني).

فمحاولة إسقاط جهاز الأمن وتشبيهه بشبيحة الأسد لم تحقق نجاحًا يذكر إلا بين المتضررين من أخطاء الجهاز أو بين عوائل المجرمين وهم قلة، أما معظم سكان شمال غرب سوريا فلم يحرك ذلك فيهم ساكنًا بحكم ميزة الأمن الذي ينعمون به بعد فقدٍ طويل.

وبالعودة إلى مطلب رفع الضرائب وتحقيق النهضة الاقتصادية، فهو كذلك بعيد عن الواقع، مما جعله يلقى انتقادًا واسعًا، فأين هي هذه الضرائب الثقيلة التي تفرضها حكومة الإنقاذ مقارنة بضرائب الأسد أو ضرائب الميليشيات الكردية؟!

ثم من دون هذه الضرائب المحدودة كيف للمحرر أن ينهض ويبني قوته العسكرية والخدمية في ظل انعدام الموارد، وفقدان الثروات البطانية والمعدنية والطاقية، ومحدودية الإنتاج الزراعي والحيواني؟! لقد كانت هذه المقاربة واضحة لدى العديد من الناشطين، ولهذا السبب وجدوا مطالب الحراك مثالية وبعيدة عن الواقع.

إضافة إلى هذه فإنَّ المحرر رغم قلة ذات اليد يعيش نهضة صناعية حقيقية، فشمال غرب سوريا يشهد يوميًّا إحداث طرق جديدة ومشارع استثمارية وخدمية وتعلمية، لم يشهدها من قبل في حقبة الصراع الفصائلي، ولعل هذا التقدم الاقتصادي جعل السكان -وخاصة فئة التجار والأكاديميين- تنأى بنفسها عن الحراك.

ولو أنَّ الحراك رفع مطلب إصلاح جهاز الأمن لا إسقاطه، وإصلاحه بإخضاعه لإجراءات تحاكم علنية، وإدخال مزيد من النظم الحقوقية لحماية المتهمين، وشفافية القضاء ومنع التعذيب واحترام حقوق الإنسان، لكان ذلك أدعى لحصوله على مناصرين كثُر بين الأكاديميين والحقوقيين بل داخل الهيئة نفسها. ولو أنَّه طالب بإخضاع الضرائب والأموال للجنة عليا وجهة سيادية موثوقة وعدم تركها بيد المؤسسات التنفيذية، لوجد آذانًا مصغية.

ثالثًا: من أشهر الانتقادات التي وُجهت للحراك من طرف النشطاء هي وقوعه في وهم الدولة المستقرة، فكيف يُطالب بتداول السلطة والحال أنَّ إدلب ساحةَ حرب ومرحلة انتقالية لم تنته بعد؟! وكيف يمكن صد الحملات العسكرية وشن الغزوات والمعارك دون قيادة مركزية قوية تثق بها القوى العسكرية؟! وكيف لقائد ثورة مسلحة أن يحقق سرعة الحركة في الهجوم ويكسب المبادرة أمام العدو ويحقق المرونة في الحرب إن كان مقيدًا بالمجالس البرلمانية الموسعة وقوانين المؤسسات البيروقراطية والأحزاب السياسية التي تهدده برفع لواء المعارضة عند كل منعطف؟!

هذا ما جعل العديد من النخب يعتبرون مطلب تداول السلطة ليس إلا هدفًا مثاليًّا لدغدغة مشاعر البسطاء، وأنَّ الحراك -وإن وصل للسلطة- سيعجز عن تحقيق هذا الهدف أمام واقع تهديدات الحرب وتغيُّر مجريات الصراع مع الأسد. ولو أنَّه رفع مطلب ترشيد استخدام السلطة بدلًا من تداولها للقي قبولًا أوسع.

 رابعًا: انتهج الحراك أساليب تسببت في انصراف النخب وعدد من الناشطين عنه، من بينها ترديد شعارات تشمل السب واللعن والقذف التي لم تكد تخل مظاهرة منها، وذلك رغم أنَّ الحراك لم يقم ضد نظام مستبد مثل نظام الأسد بل ضد حركة إسلامية لها رصيدها النضالي، كما أنَّ استحضار ذكريات الثورة السورية الأولى وتوظيفها ضد أبي محمد الجولاني مبالغة كبيرة، فهو ليس مثل بشار، وليست الهيئة مثل نظام الأسد، وفي التشبيه بينهما فارق بعيد، ولهذا اعتبر أكثر النشطاء أنَّه لم يكن أخلاقيًّا أن يوظف الحراك هذه الصورة الذهنية النمطية عن الأسد ضد خصومه من المنتمين إلى الثوار.

أما نعت الجولاني بالمجهول وتكرار ذلك لاستعطاف الناس وتأليبهم، فلم يكن منصفًا أيضًا في نظر الكثيرين، فهو معروف في الثورة أكثر حتى من رموز الحراك أنفسهم، ومعروفٌ باسمه الصريح ونسب عائلته وسيرته، وكل ذلك معلومٌ ومنشور في لقاءات صحفية وموثقة.

زد على ذلك أنَّ انخراط العديد من الشخصيات المشبوهة في المظاهرات أفقدها جاذبيتها، وقد عُرفت بعض هذه الشخصيات بميلها إلى التكفير والتشدد في الدين، إضافة إلى مشاركة حزب التحرير الواسعة، وهو حزب مشهور بجرأة أعضائه على تخوين المخالف، وحدة طباعهم، وعدم مشاركتهم في الثورة المسلحة بأي نشاط يذكر.

إنَّ كل ما سبق أدى إلى حركة اصطفاف داخلية خلف الجولاني جعلته أقوى من ذي قبل، وإن قلنا إنَّ الحراك قد أفاده أكثر مما أضر به لما أبعدنا النجعة، إذ لولاه لما تجاوزت السلطة أثر “أزمة العملاء” ولما تحققت الوحدة في الهيئة من جديد بعد أن كادت تعصف بها النزاعات.

وأخيرًا، لو أنَّ الحراك كان منضبطًا في سلوكه وأخلاقه، ولو أنَّه استطاع أن يعبر عن ذاته بعيدًا عن السب والقذف والتخوين عملًا بقوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” [سورة المائدة:8]. لو أنَّه فعل ذلك لانضمت له فئةٌ واسعة من النخب، ولتمكن من تحقيق الكثير مما لا يسعه تحقيقه اليوم، عندما كانت قابلية الهيئة للتنازل متاحة، وربما يصعب تحقيقه مستقبلًا.

سيناريوهات النهاية

هل يمكن أن ينجح الحراك في تفكيك السلطة وإسقاط الجولاني؟

نرجح أنَّ ذلك مستبعد جدًّا، فالمطالب الحدية للحراك والأساليب المنفرة مكَّنت الجولاني من تعزيز موقعه بين مراكز الثقل المؤثرة في المناطق المحررة وعلى رأسها القوى العسكرية، وما دام جمهور أهل الشوكة خلفه فستصعب إزاحته.

لكن إن كان وصول الحراك لأهدافه مستبعدًا فما السيناريوهات الأخرى المتوقعة؟

السناريو الأول: تعديل الحراك لأهدافه بما يحقق له قوة في الحشد وعودة مؤثرة إلى حلبة الصراع، وهذا بنظري مستبعد أيضًا؛ وذاك لأنَّ الحراك يفتقد للمرونة والنضج، وهو خليط غير متجانس من الأشخاص والكيانات المتناقضة، لم يجمعها غير بغض الجولاني وإسقاطه، وفي حال فكَّر العقلاء منهم في مراجعة الأهداف وتغييرها والتقليل من حدتها؛ فإنَّ ذلك سيقود تلقائيًّا إلى تفكك الحراك ونهايته.

السناريو الثاني: ترحيل الأزمة، وبقاء الأمر على ما هو عليه، وترك عامل الزمن يعمل عمله، وهذا وارد جدًّا، فإذا بقي الحراك على تشدِّده، فإنَّه سيصبح بالنسبة للسلطة كيانًا مجرمًا مثله مثل تنظيم الدولة، وسيُخصص له طاقم أمني يتابع ملاحقته بشكل روتيني ودوري، ويُترك مصير الحراك للتقادم الزمني، إلى أن تنتهي عناصره البشرية سجنًا واعتقالًا، وتموت قضيته مع الوقت.

السناريو الثالث: انشغال الجميع بأزمة أعظم وحدث أكبر، تمامًا مثلما حدث مع خصوم الهيئة السابقين، كمظاهرات 2019 في معرة النعمان التي استمرت طويلًا ضد الجولاني وانتهت في الأخير بالحملة الروسية على الطريق الدولي (m5)، ووقوع حدث مثل هذا حاليًّا محتمل بدرجة كبيرة، خاصة بعد التقلبات الدولية الأخيرة ومحاولات التطبيع التركي السوري. وهو ما يتطلب من الرموز الواعية في الطرفين المسارعة لإصلاح ذات البين، وإدراك مخاطر مواجهة الأزمات المقبلة بصف داخلي مترهل تسوده أجواء فقدان الثقة والنزاع، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة الأنفال:46].

السيناريو الرابع: الحسم الأمني العنيف للحراك باعتقال نشطائه والتنكيل بأعضائه، وهو مستبعد، فلو أنَّ السلطة أرادت ذلك لحسمت منذ زمن طويل، فكيف تفعل ذلك الآن بعد هذا الجهد المضني من الاحتواء والتنازلات والمبادرات والإصلاحات؟! وكيف تحسم الآن وقد أوشكت على قطف ثمار سياستها الحالية؟! وذلك غير وارد لسبب آخر أيضًا؛ وهو رفض طيف واسع من قادة الهيئة ونشطاء المحرر لأي وسائل عنيفة غير ضرورية.

السيناريو الخامس: استمرار الضغط على الحراك بالحد الأدنى من الإجراءات الأمنية في نفس الوقت الذي تفتح له فيه أبواب واسعة للعودة إلى مسار الإصلاح، ولعل ذلك سيثمر مع الوقت تراجع كثير من الكتل عن الأهداف عالية السقف إلى أهداف مقبولة يمكن تحقيقها. ونظن أنَّ هذا المسار في طور التحقق فعلًا مع تراجع حدة المظاهرات في بلدات بنش وحزانو وجسر الشغور وانخراط أهلها في مبادرات الإصلاح. لكن بطبيعة الحال ستبقى فئة لا يمكن صرفها عن منهج الإسقاط والصدام باعتبار أنَّها في الأساس تنطلق من دوافع نفسية وعاطفية، وهذه مع الوقت إذا وجدت نفسها وحيدة ستنكفئ منتظرة جولة أخرى لتهيج بها الوضع.

ختامًا

بمنظور استراتيجي أحدثت هذه الأزمة ضررًا كبيرًا، فقد أخذت من عمر الثورة أكثر من سنة، عُطِّل فيها مسار التطور والتقدم والإنجاز والمبادرة، في الوقت الذي بقي الأعداء يعدِّون أنفسهم للحظة الحسم، إضافة إلى الآثار الثقيلة التي تبعت الأزمة من تخلخل الثقة وانتشار اليأس وتضرر شرعية الهيئة وقائدها. وما يجدر التنبه له هو أنَّ الأزمة ولدت أولًا في رحم السلطة، ثم انتقلت إلى المجتمع عبر الحراك، وإنَّها الآن بموت الحراك قد تعود من جديد إلى داخل السلطة، لكن بحدة أعمق مما يُلقي بمسؤولية كبيرة على قيادة المحرر لرسم مسار صلح وطني ووئام داخلي، يبدأ أولًا بعفو شامل، ثم بإجراء إصلاحات حقيقية، يدخل ضمنها إيجاد نظام داخلي وآلية واضحة لاتخاذ القرار وصناعته، وترشيد التدافع الداخلي لكيلا تتكرر الأزمة، وإنشاء الأجهزة الرقابية والبحثية والقانونية للوقاية من الأخطاء قبل وقوعها أو اكتشافها قبل استفحالها، وإنَّ هذه النظم يجب أن توجد أولًا في هيئة تحرير الشام باعتبارها الحزب الحاكم، ثم في الدولة والمجتمع.


[1] فائز الدغيم، بين المكاشفة والتقزيم.. الفصل الأخير من قضية عملاء “تحرير الشام” اختبار للجولاني، تلفزيون سوريا، 28/1/2024.

[2] انظر: لقاء أبي محمد الجولاني على مؤسسة أمجاد، بعنوان: لقاء قيادة المحرر مع أعضاء مجلس الشورى وحكومة الإنقاذ للحديث عن القضية الأمنية الأخيرة، يناير 2024.

[3] هيئة تحرير الشام، بيان رسمي بعنوان: إعلان انتهاء أعمال التحقيقات المتعلقة بدعوى “الخلية الأمنية”، صدر بتاريخ 26/4/2024.

[4] انظر: عرابي عبد الحي عرابي، أزمة هيئة تحرير الشام بين الجناح العسكري والمجتمع المحلي، مركز جسور للدارسات، 22/3/2024.

[5] ولعل ما زاد احتقانهم هو الخطاب الإعلامي الذي أخذ ينقل الجولاني من قائد للهيئة إلى قائد للمحرر، هكذا دون مقدمات دستورية أو إجراءات -ولو كانت شكلية- كالتي يجريها الرؤساء عند وصولهم الحكم، فبشار الأسد مثلًا عند توليه الحكم رغم أنَّ الأمر مدبر ومحسوم، فإنَّ النظام اتخذ بعض التدابير التمهيدية مثل ترقية بشار لرتبة فريق وجعله قائدًا للقوات المسلحة، ثم تعديل الدستور ليصبح مناسبًا لسنه، ثم إجراء استفتاء شعبي لاختيار الرئيس… إلخ.

[6] تجمع الحراك الثوري، البيان رقم (1)، بيان التأسيس، إعلان تأسيس تجمع الحراك الثوري في إدلب وريف حلب الغربي، 8/5/2024. https://t.me/hiraksy/5

[7] تجمع الحراك الثوري، البيان رقم (13)، بيان بخصوص حملة الاعتقالات الجارية، https://t.me/hiraksy/52

[8] راديو الثورة، مخرجات اجتماع القوى الثورية والمؤسسات العامة وفعاليات المجتمع المدني في المناطق المحررة، 12/3/2024، https://t.me/RadioAlthawra/13863

[9] راديو الثورة، مخرجات اجتماع القوى الثورية والمؤسسات العامة وفعاليات المجتمع المدني في المناطق المحررة، 12/3/2024، https://t.me/RadioAlthawra/13863

[10] وزارة العدل في حكومة الإنقاذ السورية، أمر إداري رقم (47) بتاريخ 13/5/ 2024، https://t.me/ALMHARAR/63010

[11] رئاسة مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ، المرسوم رقم (1) بتاريخ 5/3/ 2024، https://t.me/SyriangSG/1093

[12] انظر: رئاسة مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ، القرار (37) بتاريخ 6/3/ 2024، https://t.me/SyriangSG/1102

[13] انظر: رئاسة مجلس الوزراء في حكومة الإنقاذ، القرار (54) بتاريخ 20/3/ 2024، https://t.me/SyriangSG/1179

[14] تجمع الحراك الثوري، البيان رقم (5)، بيان تجمع الحراك الثوري بخصوص وضع الجولاني قانونيًّا وعلاقته بمجلس الشورى وحكومة الإنقاذ، 17/5/2024. https://t.me/hiraksy/28

أسامة عيسى

باحث في الدراسات العسكرية والشأن السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى