مقالات

دعائم الاستقرار ومتاريس الحرب

تطورات الحوكمة في إدلب وإعادة صياغة المشهد

نقف اليوم أمام موضوع جد مهم يطرح نفسه في أحداث الثورة السورية، وهو المشهد المتعلق بعملية التوفيق بين حالة الاستقرار وحالة المواجهة مع النظام السوري، هذه المقاربة لها دور محوري في صياغة الكثير من السياسات وإدارة الموارد البشرية والمالية، حيث نجد أنفسنا أمام معضلة وإشكالية بحاجة إلى تفكيك: كيف يمكن للثورة السورية ممثلة في الداخل بحكومة الإنقاذ أن تقود الثورة بما تحمله من حالة مواجهة عسكرية مع النظام والتي تقتضي استحضار حالة الخطر، وأن تقدم الخدمات وتشجع الاستثمار الذي يتطلب حالة الاستقرار والأمان بآن واحد؟

إنَّ التوفيق بين دعائم الاستقرار ومتاريس الصراع مسألة معضلة، وهي محور النقاش بين النخب الثورية، ويطرح هذا التساؤل تحديات كبيرة أمام القيادات والنخب، فكيف يمكن الجمع بين الحاجة لثبات الأوضاع لتقديم نموذج الحكم والإدارة وضرورة العمل على الهدف الأساسي للثورة السورية: إسقاط النظام؟  إنَّ هذا السؤال ذو أهمية قصوى ويستحق تحليلًا معمقًا لمعرفة الإجابات المحتملة والخطط العملية التي يمكن تطبيقها في ظل هذه المعطيات.

إدلب والنموذج الإداري

ترى القوى الفاعلة في الثورة أنَّ إظهار النموذج الإداري المصغر لسوريا في منطقة إدلب يعتبر استراتيجية للتقدم على النظام السوري، من خلال إثبات القدرة على الإدارة وتحقيق التنمية وتوفير الأمان للمجتمع وعدم إلحاق الضرر بمصالح إقليمية وعالمية، بعد أن بُذلت جهودٌ كبرى لتشويه الثورة ومنطقة إدلب تحديدًا، ولاشك أنَّ هذه الاستراتيجية ذات جدوى وقد حققت تقدمًا ملحوظًا وغيرت الصورة النمطية التي صبُغت بها مناطق في المحرر سابقًا، فعلى سبيل المثال أصبحت إدلب محل اهتمام الباحثين والمنظمات الحقوقية والمراكز العالمية المهتمة بالصراعات، وقد صدر عن تلك المراكز عدة دراسات تتناول هذا النموذج الإداري، وأشارت إلى ما حققه من نجاحات على عدة مستويات، وأصبح هناك تصور لدى فئات واسعة من الباحثين بأنَّ الوضع في إدلب أفضل منه في مناطق سيطرة النظام، ومناطق سيطرة قسد. وفي المقابل إنَّ الاهتمام البالغ الذي تحظى به الإدارة المدنية أدى لرفع سقف المطالب المجتمعية، وازدادت المطالب المتعلقة بالخدمات وقضايا المشاركة السياسية، فما سبب ذلك؟

التوازن بين الرفاهية واليقظة

تعتبر ديناميكية الصراع والاستقرار من الثنائيات التي تؤثر في المزاج الشعبي، فاستدعاء حالة الخطر قادر على تعزيز المناعة النفسية لدى الشعوب، ويمنحها القوّة والصبر عند مواجهة الشدائد، بينما استحضار حالة الرخاء والاستقرار تحمل في طياتها الجاذبية للاستثمار وترفع من حيوية المجتمع نحو التطور والتقدم في الظروف العادية، لكنها في المقابل تصرف النظر عن الاستعداد لمواجهة المخاطر في جولات القتال وتلهي الناس عن استعداداتهم للأوقات العصيبة، كما من شأن حالة الرخاء والاستقرار أن تؤدي لارتفاع سقف المطالب الشعبية على المستوى المعيشي والسياسي، هذه معادلة ثابتة غير قابلة للتغيير.

إنَّ حالة الرخاء واستبعاد الخطر توجب على السلطة النظر بجدية تجاه مطالب المجتمع واحتياجاته والعمل على تحقيقها، ولا مناص من ذلك، فلا يتصور أن تُستدعى حالة الرخاء دون سياسات عامة تتيح المجال للمشاركة المجتمعية أو دون سياسات اقتصادية ترعى وتهتم بالطبقات الأشد عوزًا بفعل ظروف الحرب والتهجير القسري، ولا شك أنَّ تلبية هذه المطالب ستستهلك الموارد والطاقات المادية والبشرية.

ولذا عادة ما تبحث الحكومات عن التوازن الدقيق بين بث الطمأنينة واستدعاء حالة الخطر من خلال توفير الحد المقبول من مستلزمات العيش لجميع الطبقات الاجتماعية، خاصةً المهمّشة والأشد فقرًا، وتؤدي المؤسسات دورها في رفع كفاءة المجتمع من الناحية الاجتماعية والاقتصادية عبر الاستثمار في الموارد البشرية، وتستطيع السياسات العامة المحكمة والمشاريع العامة إحلال حالة من الراحة الاقتصادية بحدودها المقبولة، فيتولد لدى المجتمع شعور بالرضى بفعل العدالة الاجتماعية بين الناس وعدم تقدم أحدهم على الآخر إلا بالكفاءة ومن خلال تقديره لما تبذله الحكومة من جهود لخدمته وإن لم تلبِ هذه الجهود كافة احتياجاته الأساسية، إلا أن الصعوبة في أن يتحقق ذلك دون إغفال الجاهزية واليقظة واستحضار حالة الحرب وتعبئة المجتمع، حتى يكون لدى أفراد المجتمع الأفق السياسي والجهازية النفسية والمادية بحدودها المقبولة للحظة المواجهة العسكرية المرتقبة مما يزود المجتمع بالدعائم اللازمة للصمود والثبات

إن هذه المقاربة من الصعوبة بمكان، وتتطلب أن تقوم بها هيئات وأجهزة مختصة ويشارك بها مختصون وخبراء أصحاب رؤى استراتيجية؛ لتحديد التوازن الدقيق بين دعائم الاستقرار ومتاريس الحرب وبما يحقق الرؤية الاستراتيجية للثورة، ثُمَّ العمل على تحقيق ذلك التوازن، والتصدي لما تواجهه منطقة شمال غرب سوريا من تحديات متشعبة تستوجب بلورة أطر فكرية ومؤسسات تتجاوز أطر الجماعات، وصياغة نموذج حكم يتناسب مع ما يحيطه من ظروف الحرب وحالة الخطر الدائم، وهذه المعادلة تفرض ضرورة التحليل الدقيق للمشهد السياسي لتحديد استراتيجيات تلائم متطلبات المرحلة، ويبقى هناك تساؤل يفرض نفسه: كيف يمكن تطوير المرتكزات الفكرية والمؤسسات الإدارية لكي تتجاوز الأطر التقليدية المرتبطة بديناميكيات الجماعات؟

 سقف المطالب والنظام السياسي شمال غرب سوريا

يفترض أنَّه مع تشكيل حكومة في المناطق المحررة، انتقلت السلطة من الفصائل إلى مؤسسات حكومية، مما زاد من توقعات ومطالب المجتمع معيشيًّا ثُمَّ سياسيًّا، خصوصًا مع ازدياد الثقة بأداء مؤسساتها، ولعل هذا هو سبب المشهد اليوم في إدلب، رغم ما فيه من تميز عن باقي المناطق في سوريا، إلا  أنها مسؤولية كبرى تقع على عاتق إدارة هذه المنطقة، فإن مطالب الناس في حالة الاستقرار والرخاء تزداد من حيث سقفها ومن حيث نوعها، وتشكل هذه المطالب بمجموعها مدخلات للنظام السياسي القائم في منطقة شمال غرب سوريا ممثلًا بحكومة الإنقاذ، ومفترض أن تخضع هذه المدخلات للمعالجة من قبل السلطة المحلية، لتشكل بذلك مخرجات، وحتى تكون المخرجات مرضية لأصحاب المطالب لا بُدَّ أن تكون المؤسسات المعنية بجمعها ومعالجتها قائمة على أسس فكرية ونظم سياسية سليمة.

 إلا أنَّ عملية معالجة هذه المطالب تشكل بحد ذاتها تحديًّا بالغًا، يتعلق بالنظام السياسي ذاته، فهو نظام سياسي ناشئ وحديث عهد في حكم وإدارة المجتمع، فماذا يحتاج حتى يُحوّل المدخلات إلى مخرجات مرضية تحقق مطالب المجتمع وتحفظ مصالح الثورة؟

الانتقال الفكري: من فقه الجماعات إلى بيروقراطية المؤسسات

 إنَّ امتلاك الشجاعة لصياغة الإطار الفكري، قد يضع هذه التجربة مع مقدمة النماذج التي يُحتذى بها في طرح إجابات مقنعة على الأسئلة المعضلة المتعلقة بكيف يتحقق الانتقال من فقه الجماعة إلى فقه السلطة؟

إنَّ عملية الخوض في هذا النقاش بحد ذاتها تشكل تحديًّا لجماعات ذات خلفيات حركية فقط ترى في التنظير تقييد لانفتاح حركتها، لذلك إن أرادت هذه التجربة أن تكون في موضع الحكم والإدارة يجب ألا ترى التنظير الفكري كقيد يُقلل من ديناميكية الحركة، بل كإطار مرشد ومُحدد لمسارها، فلا بُدَّ من وضع الأطر النظرية بصفتها بنية تحتية تدعم الحركة وتنظمها، وليس بوصفها قيودًا تعيق الابتكار والتقدم، فالإطار الفكري يعمل على تثبيت النجاح وتحديد الهوية وبالتالي سهولة الفهم من قبل الآخرين، وتعطي المعنى للتقدّم الذي يُحرز.

وهنا نتحدث عن حركة الفكر أي إنتاج الفكر واستباق الأحداث ووضع تصورات للقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والفخ الذي وقعت به كثير من الجماعات هو الاكتفاء بالتنظير الحركي في عمل أقرب للتفكير الحزبي، الذي ضمنه يهتم المنتج الفكري بتبرير هذه الحركة، بينما الحكم يتطلب حركة فكرية سابقة للحركة في الميدان.

وإنَّ إيجاد هذه الأفكار النظرية سيمنح التجربة أرضية صلبة لفهم القضايا بدقة وإيجاد سرد ذاتي سليم، يعينها على العبور من مرحلة التنظيم إلى المؤسسات بشكل سليم دون الاعتماد على التجربة والخطأ، هذا السرد السليم للذات ستنعكس آثاره المباشرة على مستوى بنيتها الداخلية وفهمها لنفسها وموضعها من محيطها المجتمعي والإقليمي والدولي، وبالتالي يمكنها من تحديد إطار تفاعلاتها مع قضايا المجتمع.

فالجماعات بحكم بنيتها التنظيمية النخبوية لا تراعي عند اتخاذها القرار مدى الموافقة عليه، فهناك التزام يتعلق بقضايا السمع والطاعة والبيعة، بينما مؤسسات الحكم لا يمكنها أن تقوم وتستمر دون النظر في المزاج الشعبي وأخذه بالحسبان عند اتخاذ القرار، لأنَّ هذه المؤسسات المدنية وجدت لتلبية احتياجات المجتمع فإن عجزت عن هذه الوظيفة ستواجه مصاعب كبرى، ولأنَّ الجماعة تنظر إلى المجتمع كحاضنة ووجهة للحشد والتجنيد بينما السلطة تنظر إلى المجتمع نظرة الراعي إلى رعيته، مما يفرض إعادة تعريف الذات وتحديد العلاقة مع المجتمع، وهو ما يتطلب رحلة من إعادة تعريف الذات.

تعد عملية إدارة المجتمع أعقد بكثير من قيادة الجماعات النخبوية، وعملية الانتقال من فقه الجماعة إلى فقه الحكم والسلطة تمر بمخاض مجهد وشاق على مستوى البنية، ولم تنجح به كثير من الحركات في العقود الأخيرة، ولطالما كانت المقاربات السياسية والأيديولوجية لحركات العمل السياسي كثيرة في هذا الصدد، وبعضها راكم رصيدًا نظريًّا استعدادًا لقيادة الدولة، لكنها حال وصولها إلى السلطة، وجدت نفسها غير مهيأة بالقدر الكافي لتحمل أعباء الحكم الفعلي، مما أدى إلى خسارة الفرصة وذهاب الحلم إبان الربيع العربي، مما كشف عن عدم كفاية رصيدها الفكري والحركي للعبور من الجماعة إلى الدولة.

 من جانبها تقدم تجربة المناطق المحررة في إدلب دراسة حالة فريدة في ميدان التحول السياسي، فقد استطاعت أن تخطو خطوات متقدمة خارج نطاق التنظيم المغلق إلى ميدان الحكم والسلطة، كاشفةً عن مدى قابليتها للتعلم وتوسيع آفاقها الفكرية والحركية، وفي منعطفات كثيرة منذ عام 2018 عندما تشكلت حكومة الإنقاذ السورية استطاعت المناورة والتكيف مع الظروف والاستفادة منها في مواضع متعددة، ومع ذلك يُلاحظ أنَّ هناك قصورًا في جوانب أخرى حيث يقابل تطورها الحركي ضعف في الجانب التنظيري، وتعتمد بشكل مطلق على الحركة والتجربة، لذلك تحتاج إلى تحويل التجربة الحية والعملية إلى تنظير سياسي فعال يُعبر عن طموحاتها ويُفسر أفعالها، حتى تستطيع عبور رحلة إعادة تعريف الذات بسلام ودون اعتماد مطلق على التجربة.

 بناء مؤسسات صنع القرار في مسار التحول إلى السلطة

في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها أي حركة تسعى للانتقال من مرحلة الجماعة إلى موضع السلطة، تظهر أهمية تحديد المؤسسات المعنية باستقبال المطالب والمقترحات من المجتمع من جهة، وتحديد تلك المؤسسات والهيئات المخوّلة بمعالجة هذه المطالب وتحويلها إلى إجراءات وقرارات ملموسة من جهة أخرى، حيث تمد تلك المؤسسات جسور الثقة مع المجتمع.

في هذا السياق يُعد توزيع الأدوار بشكل دقيق بين المؤسسات المختلفة نقطة محورية لضمان التواصل الفعال بين السلطة والمجتمع، دون إغفال شريحة مجتمعية أو تقديم مطالب شريحة واحدة على حساب الشرائح الأخرى، هذا النسق الوظيفي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما سبق ذكره حول البنية وإعادة تعريف الذات لتحقيق العبور من الجماعة إلى حكم الدولة.

هنا لا بُدَّ من الإشارة إلى أنَّ نجاح لأي تجربة في التحول من الجماعة إلى حكم الدولة يعتمد بشكل كبير على البنية الداخلية لهذه الحركات أو الجماعات، وقدرتها على الاستجابة لتحديات وتطلعات مجتمعاتها، فإذا ما استحضرت المنطق الأمني عند تفاعلها مع المجتمع يكون الغالب عليها منطق الجماعات التي تعيش عادة ظروفًا أمنية صعبة نتيجة المعوقات التي تضعها الأنظمة المحلية والدولية، وهذا المنطق سيؤدي حتمًا إلى إنتاج مقاربات تُعتبر أمنية بالدرجة الأولى، وينتج عن ذلك تغليب المنظور الأمني على البُعد السياسي والاجتماعي في الحكم وصياغة السياسات العامة.

 أما إذا نجحت في تحقيق العبور بشكل سليم نحو مرحلة السلطة، فستُظهر فهمًا عميقًا لاحتياجات المجتمع، وفي هذا السياق يكمن دور الهياكل المؤسساتية السياسية والاجتماعية في أن تكون قنوات استقبال للمطالب وجمع للمدخلات ثُمَّ تُعالج هذه المدخلات من خلال مجموعة فعّالة من الإجراءات، ومن خلال المؤسسات المختصة؛ لكي تتحول إلى نتائج وتشريعات وسياسات تحقق تطلعات الشعب.

 إنَّ هذا الدور الوظيفي للمؤسسات يعين على رسم ملامح المشهد السياسي لتجعل من استقبال المطالب ومعالجتها وصولًا إلى تحقيق مخرجات سياسية واجتماعية فعّالة، لبنةً أساسية في بَنَائها وتطورها، وإنَّ الانتقال من الجماعة إلى السلطة يتطلب تطوير مستقبلات المطالب، كما أنَّ الجماعة الثورية لا تتلقى من مجتمعها إلا مطلبًا واحدًا يتمثل في معارك التحرير، أي البعد العسكري للحرب، وهذا النوع من المطالب لا يستلزم سوى قدر متواضع من المؤسسات المعنية باستقباله ومعالجته، أما السلطة يتوقع المجتمع منها العديد من الأمور، ومنها توفير احتياجاته الأساسية، كذلك تتوقع النخبة تحصيل حقها في المشاركة السياسية، هذا القدر الأكبر من المطالب بحاجة لمؤسسات أوسع وأكثر اختصاصية، لذلك إنَّ عملية الانتقال إلى السلطة تستوجب بِناءً مؤسساتيًّا قادرًا على جمع مطالب المجتمع وفق أساليب علمية ومهنية.

 ولتحقيق الانتقال بسلاسة وبناء مؤسسات فعّالة، لا بُدَّ أن تكون هذه المؤسسات قادرة على إدارة تحديات المرحلة وهذا يتطلب بدوره، تحديث آليات صنع القرار لتتماشى مع الزيادة في حجم وتنوع الاحتياجات والمدخلات، وبالتالي على النظام السياسي أن ينخرط في تبني سياسات وأساليب صنع قرار مبتكرة، وتأسيس مؤسسات جديدة قادرة على التفاعل الاستراتيجي مع الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بما يتناسب مع الطموحات المتزايدة لشرائح المجتمع.

ولا بُدَّ أن تدرك الجهات الفاعلة على الساحة السياسية أنَّ المؤسسات الرسمية، مع كافة أطرها البيروقراطية لا تمتلك نفس درجة المرونة أو الاستجابة للخطط والتوجيهيات التي تتميز بها الجماعات الثورية، فالبيروقراطية قد تمثل عائقًا كبيرًا يحول دون تبني استراتيجيات فعالة لمعالجة التحديات، حينها قد تجد هذه النظم نفسها عاجزة عن تطبيق رؤيتها وإدارة المؤسسات بشكل فعّال، حيث يمكن لموظف النافذة في بعض تلك الهياكل المؤسساتية أن يعطل تنفيذ الاستراتيجيات والسياسات، لهذا من الأهمية بمكان أن يتم تطوير وإكمال البناء الوظيفي للمؤسسات بشكل ينمّي نظامًا سياسيًّا مؤثرًا وفاعلًا، يستطيع أداء دوره بكفاءة في معترك الشؤون العامة، وبما يضمن تحقيق ونفاذ الخطط والسياسات المعتمدة.

إن السعي نحو إرساء قواعد حكم مستقر وفاعل يفرض الاستعانة بهياكل إدارية ومؤسسات صنع قرار قادرة على التفاعل مع الديناميكيات المتصاعدة لمجتمع متحرك بخطى سريعة، وهذا يتطلب من النظام السياسي القائم رفع سقف طموحاته لتأسيس نظم قادرة على التفاعل بكفاءة مع البيئة المتشابكة من الديناميكيات على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بذلك فقط يتحقق الانتقال السليم من الجماعة إلى إدارة الدولة، وفي الختام تبقى موازين الصراع والاستقرار قوى متأرجحة ما لم تُحدد بدقة عبر الإجابة على سؤال ما هو مقدار الاستقرار المراد، وما مدى استحضار حالة الحرب؟ ولكن للإجابة على هذا السؤال لابد من تحديد الهدف السياسي أولاً، هل نخوض معارك تحرير أم نقدم نموذجا للحكم.

محمد خالد

باحث ومتخصص في الشأن السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى