استراتيجيسياسيمقالات

تمكين أم استضعاف بصورة أخرى!

يكتنف الواقع السوري المعقد الكثير من الإشكالات، وتثار حوله العديد من التساؤلات من الإسلاميين خاصة قبل غيرهم، ومن المؤيدين والداعمين السابقين والحاليين على حد سواء، بعض هذه الأمور محق بلا ريب وهو موضع نظر، وبعضها هو أبعد ما يكون عن الموضوعية والإنصاف، ولا تكمن المشكلة في هذا ولا ذاك؛ بقدر ما هي في أصول النظر والتقييم الشرعي والواقعي وما ينبني عليها من أحكام سياسية وشرعية أحيانًا.

ومشكلة الإسلاميين عمومًا أنَّهم مكشوفون تمامًا ومن السهل فهم توجهاتهم الفكرية والنفسية؛ وبالتالي فمن السهل توجيههم، والمتأمل اليوم في ممارساتهم الفكرية تجاه الوضع السوري -المهم جدًّا بالنسبة إليهم-باعتباره أول نصر سياسي يقوم على توجه ثوري جهادي، على الأقل في بلاد العرب؛ سيجد أنَّ ما يفعلونه اليوم يشبه إلى حد كبير ما فعلوه من اغتيال معنوي مع د. محمد مرسي فترة حكمه الهش لمصر بعد ثورة يناير، وظهر من كلا الموقفين وربما غيرهما؛ مدى شدة هذه الأحكام وتعجلها، مما يساعد في عزل أي قيادة سياسية ويجعلها بلا ظهير شعبي مع الوقت وهو ما يسهل القضاء عليها وإقصاءها.

وجدير بالذكر أنَّنا اليوم نصارع الماضي بصورة أو بأخرى وهو ضالع في صناعة الحاضر، فنحن نواجه بقايا إمبراطوريات قديمة خاصة في الساحة السورية، فقد كان أقوى الفاعلين ضد الثورة السورية هما إيران وروسيا وكلاهما وريث لإمبراطورية فارس والروم الشرقية، كما أنَّ الغرب ومن ورائه الولايات المتحدة وريث للروم الغربيين وللممالك الصليبية الأوربية بشكل أو بآخر، وأخيرًا تتمدد تركيا لأعمق نقطة في بلاد العرب منذ سقوط خلافتها العثمانية لتحل محل منافستها التاريخية “إيران” في نفس المنطقة!

وليس بعيدًا عن ذلك ما نشهده منذ انتصار ثوار الشام وسياستهم التي تقوم على الغموض والمصانعة، والمراوغة وامتصاص الصدمات؛ متأثرة إلى حد بعيد بالسياسة الأموية التي لا يخفون انتمائهم إليها، يبدو ذلك في تعاملهم بحرفية مع الوضع الإقليمي، فقد عملوا على التقارب مع النظام السعودي الذي يرى في استقرار الوضع الحالي تحجيمًا للدور الإيراني في المنطقة، كما تجنبوا الصدام مع العدو الإسرائيلي مفسحين المجال لتركيا ذات المصالح المهمة في سوريا للقيام بدور في مواجهة الاعتداءات الصهيونية، وربما تكون نقطة الضعف في كلا الموقفين السعودي والتركي؛ هي عدم مبدئية أو ثبات التنبؤ بالاحتمالات في تعاملهما مع الضغوط الغربية خاصة الأمريكية.

ولكن هناك إشكاليات بدأت في الظهور فور الوصول إلى موقع السلطة، وبالنظر إلى النهج الدبلوماسي والخطاب التصالحي مع القوى الإقليمية، واللعب على التناقضات بينها، فالموقف من دولة الكيان الصهيوني التي بادرت بالعدوان أمر أساسي في الميزان الأمريكي والغربي تجاه سوريا، مما جعل الإدارة السورية في مأزق حقيقي.

كما يكمن التحدي في مدى الانصياع- الذي قد يكون اضطراريًّا- لرغائب القوى المؤثرة عالميًّا وإقليميًّا، مع مراعاة أنَّها متنازعة متصارعة والتوفيق بينها واسترضائها جميعًا يكاد لا يبقى لإدارة الثورة شيئًا من مبادئ وأصول الإسلام والسنة ولا استقلال القرار الوطني! وتعارض كل ذلك مع النهج الإسلامي ومبادئه الجامعة، كالاستقلال السياسي والاقتصادي، ومواجهة الاحتلال، وتحرير المقدسات، والولاء للأمة، ونصرة المستضعفين، وتحكيم الإسلام، وغيرها.

ويبدو أنَّ القيادة السورية الحالية كانت قد حسبت حساب لحظة النصر والفرص المتاحة ساعتها، والتي لن يحكمها ما هي عليه وقتها فحسب؛ وإنما ما كانت عليه قبلها كذلك، ولذلك فقد اتخذت قرارها بخلع عباءة الفكر السلفي الجهادي منذ فترة، وليس خلع النسبة العملية إليه فحسب، واكتفت بانتسابها إلى الإسلام والسنة فقط، فلا ينبغي أن نلبس القوم اليوم قميصًا لم يتقمصوه أو نحاكمهم إلى معايير ومفاهيم أضيق من الفضاء الذي أرادوا الانطلاق إليه.

النزاع بين المتاح والواجب

والآن وقد جاء النصر وحانت ساعة الحقيقة ظهر النزاع بين الممكن والمبدأ، وهل ما يحدث هو مناورة أم سيتحول إلى أصل بحكم الأمر الواقع، مع خطورة فقدان الزخم الثوري والعقيدة القتالية والركون للرخاء والبناء أو تحويله لعقيدة بديلة، وهل يمكن الحكم على واقع سوريا وإدارتها الجديدة بناء على بعض التصريحات والمواقف الظاهرية؛ بأنَّها تستجيب عمليًّا وحتى النهاية لرغبات وضغوط الخارج، والجزم بأنَّهم ينسلخون من هويتهم لاسترضاء تلك القوى!

والمهم هنا أن يكون التساؤل والتوجيه نابعًا من الحرص على التجربة والنصح لها، وليس التربص والعداوة فعين المبغض عوراء كما أنَّ عين المحب عمياء، ولذا فالواجب على المفكرين والمنظرين تقديم التصورات الوقائية من السقوط في فخ التنازلات التي ترزح تحت وطأة الضغوط، وكذلك معالجة التساؤلات المثارة والشكوك المطروحة ضد الوضع والإدارة الحالية، بعقلانية ومحاولة تقرير الموقف الصحيح منها في ضوء السياسة الشرعية.

وبقياس حجم الانتقادات الموجهة من الإسلاميين للتجربة السورية الوليدة والتي لم تتجاوز فترة انتصارها بضعة أشهر؛ فإنَّه من الملاحظ أنَّ الإجراءات الحاسمة التي انتهجتها ضد النظام القديم، وفي محاولة رفع مستوى المعيشة للناس، وإشاعة حالة من التسامح الحذر تجاه الأقليات، ورفع العقوبات عن سوريا، والتمركز في موضع رمانة الميزان بالمنطقة وتبوء موقع سياسي مهم في فترة قصيرة، وتهميش الخصوم والعداوات، وغيرها من ملفات، وبمقارنة ذلك مع ما تم في مدة سنة هي فترة حكم د. مرسي كنتاج للثورة المصرية، فإنَّه في تجربة مصر لم تُتَخذ خطوة واحدة فاعلة لتفكيك النظام القديم أو الدولة العميقة أو على الأقل بناء قوة ثورية مضادة، مع الفشل في منعها من تخريب الدولة، فضلًا عن التعامل مع الوضع الدولي والعربي أو تحديد العلاقة مع الكيان وتحديد الموقف من كامب ديفيد، أو غيرها من أمور غاية في الأهمية.

بينما وعلى النقيض من ذلك تبني الإدارة السورية المنتصرة أجهزتها الجديدة بتأسيس إسلامي واضح على صعيد الفكر والتوجه، خاصة أجهزة القوة الخشنة كالجيش والأمن العام والشرطة بأفرعها المختلفة وغيرها، وكذلك في التعليم.

الحكم على التجربة فرع عن تصور واقعها:

وفيما يخص الإسلاميين خاصة في تقييم التجربة فإنَّ الحكم عليها هو من قبيل الفتوى، والفتوى لها أصولها الشرعية الأصولية، وهي معرفة الحالة المخصوصة ومناطها والتوصيف الشرعي لها وتنزيل الحكم الشرعي عليها، أو كحالة خاصة تندرج ضمن القاعدة الكلية، ولا يمكن أن تعتمد على مجرد تصريحات أو محاولات لتحليل الواقع دون معلومات أو التنبؤ بوقائع أخرى قد لا يكون لها أهمية كبيرة في الفعل نفسه.

الأصل في الثورة السورية وقيادتها أنَّها حركة تحرر وطني وإسلامي، ولا يتغير الحكم عليها في بضعة أشهر وفق بعض مواقف أو تصريحات، وإنما بتغير جذري في سلوكها الاختياري وتوجهاتها الحرة، كتجريف هوية المجتمع المسلم ضد طبيعته من خلال الدستور والتعليم والإعلام مثلًا، أو تأسيس أجهزة القوة الخشنة بصورة تحمل العداء لدين وثقافة الأمة وتوجيهها لاستئصالها، وكدعم عدو الأمة ليمعن في قتلها واستباحتها -لا مجرد مهادنته- أو الإسراف في الترف والمواكب والبذخ والقصور للفئة السياسية، أو الاستبداد والديكتاتورية التي تقهر الناس في حرياتها وأعراضها وأموالها ودمائها، أو الفساد والنهب، إلى غير ذلك مما لا يحتمل التأويل، بينما يبقى التأني وعامل الوقت في مصلحتنا وليس ضدها سواءَ استقامت التجربة أو انحرفت لا سمح الله.

والمشكلة في تصورات ومفاهيم كثير من الإسلاميين هي الحدية المضللة، فالأمور إما أبيض أو أسود، تمكين أو استضعاف، ولذلك أوجد بعضهم المبررات للسيسي بينما لم يلتمسوها لمرسي مثلًا، بدعوى أنَّه “إسلامي وصل للتمكين” ولم يجدوا نفس المعاذير لأردوغان رغم ثقل الإرث العلماني الذي تسلمه في تركيا، مع تكرار نفس السلوك اليوم مع إدارة أحمد الشرع في سوريا.

ما الفرق بين الشرع وأي حاكم عربي؟

بل ذهب بعضهم إلى التساؤل عن الفرق بين الشرع وأي حاكم عربي آخر كالسيسي أو حتى بشار نفسه!

وهو سؤال غريب للغاية رغم منطقه المخادع، فالفعل قد يكون واحدًا لكنه يختلف باختلاف فاعله، لا من حيث الشخوص والظواهر، وإنما من حيث النية والانحياز.

فلا يمكن أن تجعل الشرعي كغير الشرعي، ولا من الأصل فيه الولاء للأمة والجهاد والتضحية في سبيلها -عقدين من الزمان- تحت ظلال السيوف؛ كمن الأصل فيه العداء لها والمكر بها، ولا يمكن اعتبار المضطر الذي وجد نفسه في ورطة حكم دولة هشة وفاشلة على كل الأصعدة؛ مع من تسبب في ذلك رغم استقرار نظامه في الحكم لعشرات السنين تردت بها في الحضيض، فأنت بذلك تجمع بين الضدين لئلا تفرق في ظنك بين المتماثلين!

ومصدر الخلل في الحكم على بعض الأمور يرجع لعدم تصورها تصورًا شاملًا في ضوء كليات الشريعة وعدم دراسة الفروق والمتشابهات، وأصول الدين والقواعد الفقهية وغيرها كذلك، ومن تمكن من هذه العلوم كان يسيرًا عليه أن يزن الأمور بشكل صحيح بميزان الشريعة.

قوام التمكين بالسلطة والمجتمع!

ليست القضية هي التبرير للتجربة السورية كما يفعل المنحازون انحيازًا أعمى، فمعاذ الله أن نسوغ لباطل ونحن نعلم، ولا في الهجوم عليها وتجريمها كما يفعل خصومها من الإسلاميين، فلسنا ممن يلتمس للبرآء العنت، لكن من الضروري الوصول لتحديد المفاهيم بشكل دقيق سياسيًّا من الناحية الشرعية.

وفي سنن الدرامي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: “لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمام ولا إمارة إلا بطاعة”، فسيدنا عمر هنا يتحدث عن “الجماعة” وهي “المجتمع” بالاصطلاح الشرعي لا عن السلطة فحسب “الإمارة”.

وفي كلام سيدنا عمر اشتراط لقيام دولة الإسلام بالاصطلاح الشرعي والسياسي؛ بمجتمع يُغَلِب ويُعْلِي أحكام الإسلام في السياسة والاقتصاد والاجتماع وفي الدماء والأموال والأبضاع، وما لم يوجد المجتمع بهذه الصفة فلا وجود للدولة الإسلامية بمعناها الصحيح، نعم قد توجد دولة، لكنها ليست إسلامية ولعلها تمهد السبيل لذلك، وربما كان هذا ما يحاول فقه الثورة السورية صياغته وقوله للجميع بالتجربة وليس بالدراسة أو التنظير.

وبهذا فثورة المستضعفين لا يمكن أن تصل إلى نقطة التمكين إلا بشرطين:

أولهما: الوصول إلى السلطة، وهو ما تحقق بإسقاط النظام.

والثاني: تبني المجتمع للمنهج الذي قامت من أجله الثورة، لا بجماعة منه لا تستطيع فرض منهجها!

 فواقع الدولة في هذه الحالة يمثل حالة وسيطة للمفارقة بين السلطة والمجتمع، ولا يمكن تصور أنَّها تمكين تام بقدر ما هي حالة أرقى من الاستضعاف، وفقه المسألة يضعها في هذه المنطقة الوسطى والحالة الجديدة لا من حيث الضغوط الغربية والقوى الإقليمية فحسب، بل هذا هو الجانب المفهوم والأقل تأثيرًا في الحقيقة!

ولا يشترط الإجماع الاجتماعي بقدر اشتراط الغلبة للجماعة الراغبة في تمكين المنهج الإسلامي بشكل كامل وقطعي وهذا هو مكونها الفكري الجازم والمستعد لدفع ثمن ذلك والتضحية في سبيله، وما لم تكن لهم الغلبة فلا دولة بالمعنى السياسي الشرعي.

بينما تحقق التمكين في مجتمع المدينة زمن النبي ﷺ رغم وجود طوائف أخرى كاليهود والمنافقين، وبقايا من المشركين وذلك لغلبة أهل الإسلام، فلا يشترط الإجماع المطلق، بل تصوره يكاد أن يكون مستحيلًا، فقامت دولة التمكين بالمدينة وخصومها صاغرين ورغم عدم تمام أحكام الإسلام ذاتها؛ فلم تكن الخمر قد حرمت ولا الربا ولا فرض الحجاب.

ضرورة مراعاة العوارض الشرعية:

هناك من العوارض ما لا يمكن إغفاله وإلا كانت تصوراتنا ناقصة وأحكامنا فاسدةً؛ فاعتبار الجهل وضعف الايمان والاضطرار؛ غاية في الأهمية في إجراء الأحكام الشرعية، وتقييم أي تجربة سياسية من الناحية الشرعية.

ومعلوم أنَّ تحريم الخمر كان بالمدينة بعد غزوة أحد في السنة الثالثة للهجرة، وقد عللت السيدة عائشة -رضي الله عنها- ذلك بضعف الإيمان في البداية وعدم إطاقة الناس، قالت: (ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا).

وكذلك تعليل عدم نقض النبي ﷺ للكعبة وجعلها على قواعد إبراهيم بعد فتح مكة، وهؤلاء الطلقاء هم أنفسهم من طلبوا من رسول الله ﷺ بعد حنين أن يجعل لهم ذات أنواط كشجرة المشركين مما دعا النبي ﷺ للعجب وحق له ذلك، وكان ضعف إيمانهم في آخر البعثة كضعف الناس في أولها أو أشد.

والطريف أنَّ من يذبون عن التجربة السورية جميعًا لم يستدلوا بصلح الحديبية، رغم كونه أصلًا في السياسة الشرعية، وثرائه بالتأصيلات والأدلة المؤيدة لكثير من المواقف؛ ربما لكثرة امتهانه من قبل الفئات السلفية المنافحة عن الأنظمة المجرمة والمؤيدة لها افتئاتًا على الله ورسوله ودينه.

السياسة الشرعية لا تعمل إلا في بيئة إسلامية:

فقد قامت بيعة الفئة المؤمنة للقيادة في المدينة على إقامة هذا المنهج وليس الطعام ولا الشراب ولا الرفاهية، ومهما كانت التضحيات في سبيله، ولا يماثل هذا الواقع اليوم إلا طالبان وغزة، أما البيعة في سبيل الديموقراطية والرفاهية وتوفير الكهرباء والمعايش والوظائف وغيرها؛ فهذه قد تستغلها السلطة المسلمة لفتح الطريق للتمكين، وهو واقع الحال في تركيا منذ استلام حزب العدالة والتنمية للسلطة، وفي سوريا اليوم، وبالتالي فالحكم على هذه التجارب يكون في ظل تصور واقع الاستضعاف، وأنَّها تجارب بدأت من نقطة الصفر وأقرب ما تكون إيمانيًّا إلى مستوى الفترة المكية وربما أدنى من ذلك.

فالمجتمع المؤمن مستعد للالتزام بتكاليف الإسلام العملية والمالية والإنسانية، ليؤمر بترك الربا والخمر والحجاب ومفارقة الأزواج على الإيمان وغيرها، بينما يبقى “مجتمع حب الدنيا وكراهية الموت” هو العائق الحقيقي ضد المنهج الإسلامي ولا يصلح في مجمله كبيئة لتمكين الإسلام.

ويكون دور السلطة حينئذ هو توفير بعض المصالح الشرعية المرعية من حفظ ما يمكن من مصلحة الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وزيادة حيز الخير وتقليل الشر، وهو ما فعله حزب العدالة والتنمية التركي منذ وصوله للسلطة كالسماح بالحجاب مثلًا، كتحسين وضع البلد اقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا ورفع مستوى الدخل وتقليص البطالة، والمساواة بين المحجبة وغيرها وإشاعة بعض شعائر الإسلام، وتأييد بعض القضايا الإسلامية كفلسطين وغيرها.

وأخيرًا: فإنَّه من الملاحظ أنَّ كثيرًا من أنصار الثورة السورية من الإسلاميين والعرب لا يريدون أن يفسحوا المجال للقيادة السورية الحالية ولو للمناورة بالتصريحات، وبينما نرى تمرير الدول والحكومات الغربية لبعض تصريحات ومواقف الإدارة السورية الحالية رغم علمهم بماضيها وواقعها، خدمة لمصالحهم المرحلية؛ يدهشنا مدى تربص الإسلاميين خاصة لكل حركة وسكنة منها، وماذا عليكم لو تركتموها فإنما هي عنكم تناور، فإن نجحت فلكم وإن أخفقت فعلى نفسها، وإنما فشل هذه القيادة هو دليل على فشلكم، فمن ذا الذي ينتظر نجاحه منكم إذًا إن كان من جاهد لعشرات السنين منكم وبقضاياكم وشعاراتكم، ثم هو يخفق بمجرد لمعان بريق السلطة!

والواجب عليهم هو صناعة نخبة إسلامية للحفاظ على الزخم والخطاب الثوري المنضبط باعتباره السبيل الوحيد لحماية المكتسبات وتعظيمها، كما كان هو الطريق لإسقاط المستكبرين وإقصائهم.

 كما تعمل تلك النخبة من جهة أخرى على إلجام النزعات الفكرية الجامحة، وتوجيه الجموع العربية والمسلمة في الاتجاه الرشيد للنقد والتصويب في نفس وقت العمل والبناء، وإتاحة الفرصة للقيادة لاتخاذ التدابير اللازمة دون تربص أو تهاون.

خالد سعيد

سياسي مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى