تقديراتسياسي

سياسة تبادل احتجاز الأسرى والرهائن بين إيران والغرب

الحدث

كشفت وزارة الخارجية الإيطالية أنَّ الشرطة الإيرانية اعتقلت الصحفية الإيطالية سيسيليا سالا “29 عامًا” في طهران منذ 19 ديسمبر/ كانون الأول 2024 خلال رحلة لتسجيل لقاءات وحلقات بودكاست، فيما تمكنت باولا أمادي سفيرة إيطاليا في إيران من مقابلة سالا في السجن.

التحليل

يُرجح أنَّ احتجاز الصحفية الإيطالية هو رسالة إيرانية ردًّا على احتجاز إيطاليا في 16 ديسمبر/ كانون الأول للمواطن الإيراني محمد عابديني نجف‌ آبادي، بطلب أمريكي عقب وصوله إلى مطار ميلانو قادمًا من مطار إسطنبول، وذلك على خلفية اتهامه رفقة المهندس الإيراني الأمريكي مهدي صادقي، بتزويد طهران عبر شركته “صنعت دانش رهبويان أفلاك” بأنظمة ملاحة للطائرات المسيرة، حيث استُخدمت إحدى تلك الطائرات في هجوم على قاعدة أمريكية في الأردن مطلع عام 2024 مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة 40 آخرين.

يشير توقيف عابديني وصادقي إلى الجهد الدؤوب الذي تبذله الأجهزة الاستخبارية والعسكرية الأمريكية والغربية في تتبع مصادر مكونات الطائرات المسيرة الإيرانية، بهدف تعطيل شبكات التوريد، وتحجيم قدرات التصنيع العسكري الإيراني، والتي تعتمد في بعض أعمالها على تكنولوجيا ومكونات غربية مهربة.

وفي جانب آخر، لم تعلن السلطات الإيرانية خبر احتجاز الصحفية الإيطالية، ولم تكشف عن التهم الموجهة لها، فيما حاولت الحكومة الإيطالية التفاوض سرًّا لفترة عبر قنوات التواصل الأمنية لإطلاق سراحها دون جدوى. وتشير سرعة إلقاء القبض عليها عقب توقيف عابديني إلى جدية طهران في المطالبة بالإفراج عنه. حيث استدعت الخارجية الإيرانية أولًا سفير سويسرا بصفته راعي المصالح الأمريكية، والقائم بأعمال السفارة الإيطالية في طهران، إلى مقر الوزارة؛ للاعتراض على اعتقال صادقي وعابديني، ثم عضدت طهران موقفها باحتجاز سيسيليا سالا.

تعد دبلوماسية الرهائن إحدى أدوات طهران في سياساتها الخارجية للضغط من أجل الحصول على تنازلات من قبيل فك تجميد الأصول أو تبادل المحتجزين. فقد بدأت الجمهورية الإسلامية حقبة ما بعد الشاه باحتجاز نحو خمسين دبلوماسيًّا كرهائن في السفارة الأمريكية بطهران عام 1979 للمطالبة بتسليم الشاه إلى النظام الجديد، وواصلت طهران انتهاج تلك السياسة، ومن آخر نجاحاتها في هذا النهج تمكنها في يونيو/ حزيران 2024 من تنفيذ صفقة تبادل سجناء مع السويد بموجبها أفرجت ستوكهولم عن حميد نوري المسؤول القضائي الإيراني السابق، والمحكوم بالسجن مدى الحياة في السويد بحجة انتهاكه لحقوق الإنسان في إيران، مقابل إطلاق طهران سراح المواطنين السويديين يوهان فلودروس وسعيد عزيزي.

يتوقع أن تتشدد طهران في موقفها كي ترسل رسالة للأفراد المتعاونين معها، بأنَّها لن تتخلى عنهم حال تعرضهم لمشكلات مع الحكومات الغربية، وقد تلجأ السلطات الإيرانية لاعتقال المزيد من المواطنين الغربيين من أجل تسريع جهود إطلاق سراح عابديني ورفيقه.

أحمد مولانا

ماجستير علاقات دولية، باحث في مجال الدراسات الأمنية والسياسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى