أمنترجمات

انتلجينس أونلاين: خطة جريئة للمخابرات الأوكرانية للإطاحة بالأنظمة الموالية لروسيا في أفريقيا

تسابق المخابرات العسكرية الأوكرانية الوقت، وتطلب مساعدة فرنسية في خطة سرية طموحة للإطاحة بنفوذ موسكو من العديد من العواصم الأفريقية. فقدرة روسيا على الاستجابة الآن باتت محدودة بعد خسارة قاعدتها في طرطوس بسوريا، بينما يستمر العمل لإنشاء قاعدتها الجديدة في طبرق بليبيا، ومن جهة أخرى بدأ العد التنازلي لمحادثات السلام بين روسيا والولايات المتحدة.

يحتفظ رئيس الأركان العسكرية الفرنسي فابيان ماندون بخطة مطولة ومفصلة أعدتها الاستخبارات العسكرية الأوكرانية وكتبتها بلغة جافة تليق بدقة العمليات الموصوفة، وتقضي بالعمل لإزاحة المجالس العسكرية الموالية لروسيا والممسكة بمقاليد الحكم في منطقة الساحل في إفريقيا واحدة تلو الأخرة.

تتسم وثائق الخطة الممهورة بختم “سري” بدقة فيما يتصل بمالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، فكل متطلبات العمليات مفصلة: الطرف الذي سيدخل من الخارج إلى أي جزء من البلاد، والذين سينقلبون على الأنظمة من داخلها وبأي ثمن، والتكلفة البشرية والمخاطر المترتبة على كل هجوم، وما إلى ذلك. هذا فضلًا عن التكلفة المالية لتحركات القوات، وعدد القوات الخاصة المطلوبة، والاحتياجات اللوجستية من الذخائر والوقود والنقل، والخيارات المختلفة المدروسة وتأثيراتها المحتملة (جماعات المتمردين، والهجمات المباشرة، والاغتيالات المستهدفة المحتملة)، وكل ذلك موصوف بتفصيل كبير.

تهدف هذه الخطة السرية لإضعاف الأنظمة المدعومة من موسكو، مع وصول الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى أفريقيا. وأبرز ما حوته هو مستوى التفاصيل التي يمتلكها الأوكرانيون حول هياكل السلطة السياسية والعسكرية في هذه البلدان. ​​ومع تراجع نفوذ فرنسا في المنطقة التي استعمرتها سابقًا، فإن كييف لا تزال تتمتع بشبكة جيدة من العلاقات هناك بفضل بيع وصيانة معدات عسكرية سوفييتية بقيمة مليارات الدولارات استخدمتها جيوش المنطقة لعقود من الزمان. والآن، يمكنها الاستفادة من هذه العلاقات بشكل جيد بالإضافة إلى المخبرين التابعين لكييف داخل القوات الروسية والفيلق الأفريقي (فاغنر سابقًا) المنتشر في المنطقة.

الحاجة إلى السرعة

في المقابل، تريد أوكرانيا المساعدة اللوجستية الفرنسية وتقترح ترك إضافة اللمسات السياسية الأخيرة لباريس، وهذا يعني اختيار خليفة لكل من الحكام الحاليين بمجرد عزلهم عبر العملية الخاصة. وعند التشاور بشأن الجدوى الفنية للعمليات، قال جهازا الاستخبارات الخارجية الفرنسي DGSE والاستخبارات العسكرية DRM في بأن خطط أوكرانيا لديها فرصة للنجاح.

لكن ماكرون لم يعط الضوء الأخضر بعد، وأشار مسؤول فرنسي مطلع على الخطة إلى أن الدبلوماسيين ربما فوجئوا بلغة الوثائق الأوكرانية حيث استُخدمت عبارات “تغيير النظام” و”القضاء” بدلاً من مصطلحات أكثر توافقية مثل “دعم التحول الديمقراطي” أو “المساعدة في تطوير معارضة تحترم حقوق الإنسان”. أما بالنسبة لمروجي الخطة الأوكرانيين، فإن ضرورة الحرب تلزم أحيانًا بعدم الاهتمام بالتفاصيل اللغوية الدقيقة.

يشعر رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف ورجاله باليأس إزاء المماطلة الفرنسية الملحوظة، مع نفاد الوقت نظرًا لتسريع الجدول الزمني للمفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا لإنهاء الصراع. هناك حاليًا فرصة سانحة: فبعد بدء المناقشات مع إدارة ترامب ستجد موسكو صعوبة في احتواء خطة العمل السريعة للاستخبارات الأوكرانية، لأنها لا تمتلك القدرة على الاستجابة اللوجستية الفورية حيث فقدت قاعدتها في طرطوس بسوريا المخصصة لدعم العمليات في إفريقيا. وفي المقابل، فإن القاعدة البديلة في طبرق في ليبيا لم يبدأ تشغيلها بعد، ولكن بمجرد تشغيلها ستتمكن روسيا مرة أخرى من دعم عملياتها في أفريقيا.

أشهر من الإعداد

بدأت المخابرات العسكرية الأوكرانية منذ عدة أشهر الإعداد لخطتها بدقة عملياتية غير مسبوقة، وكشف موقع “إنتيليجنس أونلاين” في أبريل 2024 أنها بدأت في الاتصال بعناصر من الفيلق الدولي الأوكراني من الناطقين بالفرنسية. وقبل بضعة أشهر، نشرت أوكرانيا حوالي مئة من عناصر الكوماندوس من وحدة تيمور في السودان لتنفيذ عمليات ضد قوات فاغنر هناك، وهو التدخل الذي حظي بدعم واسع في ذلك الوقت لإجبار روسيا على الاختيار بين جبهتيها في أوروبا وأفريقيا.

ومنذ ذلك الحين، تعززت قوة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية بعامين من العمليات السرية الناجحة (عمليات تخريب، اغتيالات في روسيا، تفجير خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″، وما إلى ذلك)، وحثت حلفاءها الغربيين باستمرار على فتح جبهات ثانوية في إفريقيا. كما أمضت أشهرًا في العمل على الخطة حتى أدق تفاصيلها الجزئية لإجبار حلفاء أوكرانيا على الاعتراف بقدراتها الميدانية.

ولم تعمل الاستخبارات العسكرية الأوكرانية على رفع مستواها العملياتي فحسب، بل أثبتت أيضًا جدارتها في فن الحرب النفسية، فمجرد الإعلان عن هذه الخطة في وسائل الإعلام لا يهدف إلى إقناع باريس بقدر ما يهدف إلى زعزعة استقرار الأنظمة الموالية لروسيا في منطقة الساحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى