العلاقات السعودية الإيرانية: قراءة في الأهداف الكامنة لزيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران

    خلدون عبد الله
    خلدون عبد الله
    الخميس 15 مايو 2025
    العلاقات السعودية الإيرانية: قراءة في الأهداف الكامنة لزيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران

    العلاقات السعودية الإيرانية: قراءة في الأهداف الكامنة لزيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران

    أثارت زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان للعاصمة الإيرانية طهران، في 17 أبريل 2025، موجة من التساؤلات حول توقيتها والأهداف المرتبطة بها. خلال زيارته، التقى وزير الدفاع السعودي بالمرشد الأعلى “علي خامنئي”، وسلمه رسالة خطية من الملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز”، كما التقى بالرئيس بزشكيان، بالإضافة إلى رئيس هيئة الأركان في الجيش الإيراني، ومسؤولين سياسيين وعسكريين رفيعي المستوى.

    جاءت التعليقات الرسمية للطرفين، السعودية وإيران، لتصف الزيارة بالمهمة، وتحصر مواضيعها في مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يفضي إلى تعزيز التقارب بين البلدين. إلا أنَّ توقيتها، في خضم التوتر الإقليمي، والتصعيد الذي يقوده الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” ضد إيران وحلفائها -الحوثيين في البحر الأحمر- تعطي انطباعات عن أهداف أخرى للقاءات عالية التمثيل، ولا سيما أنَّها تأتي أيضًا، قبل أيام من استئناف الجولة الثانية من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، وحسابات المملكة في التوازنات القادمة.

    مدخل: العامل الإيراني في السياسة الخارجية السعودية

    تاريخيًّا، كانت المعضلة الأمنية مع إيران، في طليعة موجهات ومحركات السياسية الخارجية للملكة العربية السعودية، فجاء تأسيس مجلس التعاون الخليجي في مارس 1981 في خضم حرب الخليج الأولى. ثم توالت التوترات عقب أحداث مكة 1987، وحرب الخليج الثانية 1990، وسقوط صدام 2003 الذي فتح الطريق أمام تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة. بلغت الذروة مع سيطرة الحوثيين على صنعاء 2015، وتثبيت نظام الأسد في سوريا، وهو ما اعتبرته طهران دليلًا على نفوذها الممتد على أربع عواصم عربية.

    التصعيد السعودي: عاصفة الحزم ومسوغاتها

    جاء رد الرياض بعمليات عاصفة الحزم في اليمن مارس 2015، بمشاركة ثماني دول، في محاولة لإعادة التوازن. اختارت السعودية اليمن لاعتبارات سياسية وجغرافية وقانونية، إذ يُعد الساحة الأكثر حساسية لارتباطها المباشر بالأمن القومي السعودي، ولأن الحوثيين كانوا الحلقة الأضعف نسبيًّا في محور طهران مقارنة ببقية وكلائها.

    التحول إلى التهدئة والأدوات غير المباشرة

    مع استمرار صمود الحوثيين، وتعقّد المشهد الإقليمي، وتغير الموقف الدولي بعد بايدن، انتقلت السعودية إلى تبني استراتيجية تهدئة تقوم على خمسة محاور: التقارب مع روسيا والصين، فتح باب التفاهم مع طهران، تصفير الأزمات مع حلفائها الإقليميين، صناعة نموذج سعودي منافس لإيران، والانفتاح على منافسي طهران مثل تركيا وإسرائيل. وبهذا تحولت الرياض إلى سياسة القوة الناعمة بدل التصعيد المباشر.

    المشهد اليوم: الخيارات والقرارات

    أحداث طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 قلبت الحسابات، إذ عادت المواجهة إلى الواجهة عبر اليمن والبحر الأحمر، مع ضغوط أمريكية ودعم مطلق لإسرائيل. وجدت الرياض نفسها بين خيار التصعيد الذي قد يعرّضها لهجمات الحوثيين، وخيار التهدئة للحفاظ على مكتسباتها. وهنا برزت أهمية زيارة خالد بن سلمان لطهران في إبريل 2025، كرسالة مزدوجة: تثبيت التفاهمات السابقة، وفي الوقت نفسه لعب دور الوسيط بين واشنطن وطهران وسط التصعيد العسكري الأمريكي في البحر الأحمر واليمن.

    الخلاصة

    العامل الإيراني سيظل محددًا رئيسيًا في خيارات السعودية الاستراتيجية. وقد أظهرت التجارب أن التصعيد العسكري جاء بنتائج عكسية، فاختارت الرياض مسار التهدئة والقوة الناعمة، مع محاولة لعب دور الوسيط في لحظة حرجة من التصعيد الأمريكي – الإيراني. في هذا السياق، تعكس زيارة خالد بن سلمان استمرار الرهان السعودي على الدبلوماسية، وتوظيفها لتعزيز مكانتها في ميزان القوى الإقليمي، وضمان موقع تفاوضي أفضل في ملفات كبرى مثل الاتفاق الإبراهيمي، ومستقبل التحالفات الإقليمية.

    خلدون عبد الله

    خلدون عبد الله

    ماجيستير في الدراسات الاستراتيجية والدفاع

    0
    العلامات:
    تقديرات

    التعليقات (0)

    اترك تعليقاً

    الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *