دراساتسياسي

حرب السرديات الأمنية في مصر: الأمن والخوف والسلطة من مبارك إلى السيسي

لم يكن الإرهاب مجرد خطر ظرفي أو طارئ أمني محدود النطاق، بل أصبح إطارًا شاملًا لإعادة تعريف السياسة ذاتها. لم تُقدَّم الحرب ضد الإرهاب بوصفها معركة عسكرية فحسب، بل باعتبارها حربًا وجودية ضد كل ما قد يُهدد استقرار الدولة – بما في ذلك، وربما على رأس ذلك، فكرة المعارضة ذاتها. وهكذا، لم يتردد عبد الفتاح السيسي في أن يضع نفسه في قلب هذه الحرب، لا فقط كرئيس، بل كقائد ميداني يخوض معركة طويلة ضد تهديد متجذر في التاريخ الحديث لمصر.

أصبح “التهديد الوجودي” محور كل شيء: خطاب متكرّر، لا ينفصل عن أي حوار أو قرار، تسلّل إلى الفصول الدراسية، ونشرات الأخبار، والمنابر الدينية، والبيانات التشريعية. الدولة لا تُصوِّر نفسها كجهة تدير الشأن العام، بل ككيان محاصر، في حاجة دائمة إلى تعبئة كاملة. في هذا التصوّر، لا يُنظر إلى إطلاق النار على المتظاهرين، أو إصدار أحكام جماعية بالإعدام، كاستثناء قانوني، بل كضرورة وطنية تحمي المجتمع من الانهيار. وهكذا، غابت الأسئلة عن التناسب والعدالة، لتحلّ محلها أسطورة الأمن التي تعيد تعريف الفعل السياسي كله.

مؤمن أشرف

طالب الماجستير في الإدارة والتكنولوجيا وباحث في سياسات العلوم والتكنولوجيا بجامعه ميونخ التقنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى