تحليلات

إيران وشراء 300 طن يورانيوم من النيجر

أفاد موقع إفريقيا إنتليجنس وصحيفة اللوموند الفرنسيان بأنَّ إيران عقدت مع النيجر صفقة لشراء 300 طن من كعكة اليورانيوم الصفراء بقيمة 56 مليون دولار، بحيث يبدأ نقل دفعة أولية تبلغ 50 طنًا بحلول أغسطس المقبل، لاختبار الترتيبات اللوجستية وردود الفعل الغربية. وفي المقابل ستزود إيران النيجر بطائرات مسيرة وصواريخ دفاع جوي محمولة. وقد ناقشت واشنطن الصفقة مع نيامي خلال زيارة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية مولي في وقائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال مايكل لانجلي إلى نيامي في مارس الماضي، مما أثار غضب المجلس العسكري النيجري، ودفعه لطلب سحب القوات الأمريكية من النيجر.

إيران وتوظيف الفرصة

تعمل طهران على تعميق علاقاتها مع دول الساحل الإفريقي مستغلة تدهور علاقات المجالس العسكرية الحاكمة مع فرنسا ذات التاريخ الاستعماري بالمنطقة، مقابل تعضد علاقات القادة العسكريين الجدد مع روسيا، والتي تجمعها شراكات اقتصادية وعسكرية وأمنية مع إيران في العديد من الملفات، وفي مقدمتها مواجهة العقوبات الغربية المفروضة على كليهما، والتنسيق في الملف السوري، وتزويد طهران لموسكو بالطائرات المسيرة في حرب أوكرانيا.

تقدم إيران عدة مغريات لدول الساحل التي تعاني في مواجهة أنشطة عدة جماعات مسلحة، مثل الجماعات الجهادية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وتمرد الطوارق في شمال مالي، ومن أبرز تلك المغريات توفير طائرات مسيرة رخيصة التكلفة، وخبراء وتدريب في مكافحة حروب العصابات، وأسلحة وذخائر دون اشتراطات سياسية. وفي المقابل ستحصل طهران على موطئ قدم في المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية والثروات مثل اليورانيوم والذهب، كما أنَّها تشرف على خطوط تدفق الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.

يأتي الحديث عن صفقة اليورانيوم بعد سلسلة زيارات متبادلة بين المسؤولين الإيرانيين والنيجيريين، حيث استقبلت طهران في يناير 2024 وفدًا بقيادة علي محمد الأمين رئيس وزراء النيجر، الذي اجتمع مع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، وكذلك مع وزير الدفاع محمد رضا أشتياني، وفي الشهر التالي سافر نائب وزير الخارجية الإيراني للدبلوماسية الاقتصادية مهدي سفري إلى نيامي، فيما أرسلت طهران سفيرًا جديدًا إلى نيامي في إبريل هو علي تيزتك لمتابعة تعميق العلاقات بين البلدين.

عقبات في الطريق

يواجه إتمام الصفقة عدة عقبات، من بينها الاحتياج إلى موافقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفقًا للقرار رقم 2231 بشأن البرنامج النووي الإيراني، فضلًا عن أنَّ أي استيراد أو تصدير لليورانيوم لأغراض نووية يجب إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية به. وكذلك يتطلب نقل تلك الكمية الضخمة من اليورانيوم استخدام الشحن بحرًا بينما لا تملك النيجر دولة حبيسة، مما يتطلب الشحن برًا في المرحلة الأولى عبر دول الجوار مثل بنين إلى المواني البحرية، فيما تخشى بنين من تعرضها لعقوبات دولية فضلًا عن حرصها على الحفاظ على علاقاتها مع الغرب، ولذا سيكون النقل الجوي خيارًا أكثر واقعية، لكنه سيتطلب جسرًا جويًّا ضخمًا مما يجعله عرضة للرصد والتتبع.

لا يتوقع أن تؤثر وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي رفقة وزير الخارجية أمير عبداللهيان على سياسة إيران الخارجية بما فيها سياستها تجاه الساحل الأفريقي، حيث تساهم عدة مؤسسات في صنع السياسة الخارجية بما فيها مجلس الأمن القومي، فضلا عن دور مرشد الثورة في إقرار تلك السياسات.

إنَّ نجاح طهران في إتمام وتنفيذ صفقتها مع نيامي، سيساهم في إعادة رسم خريطة الحضور الخارجي في الساحل الإفريقي، وسيرفع من وتيرة التنافس الروسي الإيراني ضد الكتلة الأوروبية الأمريكية في منطقة ظلت خلال آخر قرنين منطقة نفوذ حصرية للغرب، وبالتحديد لباريس.

أحمد مولانا

ماجستير علاقات دولية، باحث في مجال الدراسات الأمنية والسياسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى